شوريّات!: إضبارة أ.د.عبدالله الفـَيفي



وجهة نظر بشأن:
التقرير السنوي لوزارة الخدمة المدنية للعام المالي 1430/1431هـ


ورد في المذكرة التسبيبية بشأن التقرير السنوي لوزارة الخدمة المدنية للعام المالي 1430/1431هـ، المعروض على مجلس الشورى، أن اللجنة- "لجنة الإدارة والموارد البشريّة" في المجلس- لاحظت أن الصعوبات التي تواجه الوزارة فيما يتعلق بإحلال السعوديين في سلم رواتب الموظفين العام، هو بسبب تعمد الجهات الحكومية- كما ذكر التقرير- عدم تغليب النظرة النظامية في التعامل مع غير السعودي بحيث يُعَدُّ شَغْلُه للوظيفة إجراءً مؤقتاً، وأن يكون إحلال السعودي بدلاً منه ضمن أولويات الجهة. إضافة إلى ذلك، تَعُدُّ وزارة الخدمة المدنية أن"الوظائف المشغولة بغير سعوديين في المؤسسات والهيئات والصناديق السيادية"- التي تتمتع باستقلالية نظامية في مجال الإعلان عن الوظائف وشغلها- صعوبةً تواجه توظيف السعوديين في تلك الجهات. لذا تطالب الوزارة بأن يكون لها الحق في إشغال تلك الوظائف بسعوديين. ولهذا كله جاءت التوصية الأولى للجنة ونصها: "على وزارة الخدمة المدنية وضع خطة خمسية لسعودة الوظائف الحكومية التي يشغلها غير سعوديين في الأجهزة الحكومية المختلفة وتشرف على متابعتها تنفيذها". والتوصية جيدة، غير أن المشكل كما ورد في التقرير يتمثل في مطالبة الوزارة بأن يكون لها الحق في إشغال الوظائف بسعوديين. فيما طالبت اللجنة بوضع خطة خمسية لذلك، وكأن الأمر لا يعدو عدم وجود خطة فيما كان الحل المقترح من قِبَل الوزارة هو"حث الجهات الحكومية لتمكين إحلال المواطن السعودي بدلاً من غير السعودي في تلك الوظائف"، أو تمكين وزارة الخدمة من شغل تلك الوظائف، وعدم احتجازها لدى الجهة الحكومية! فالاتجاه- للأسف- إلى تراجع السعودة عما كانت عليه سابقاً، فنحن نعلم أن السعودي كان يعمل في مختلف المهن وتَرَاجَعَ ذلك، لا بسبب عدم توظيف الجهات الحكومية فحسب، ولكن قبل ذلك بسبب القِيَم الجديدة، التي نجمت بسبب الرفاه الاجتماعي، وظهور جيل لا يريد أن يعمل أصلاً إلاّ بشروط تعجيزية، من حيث طبيعة العمل والمقابل الخاص. ومن هنا يتبين أن مشكلة السعودة تعود إلى منظومة ثقافية واقتصادية. فنحن بحاجة إلى خطة شاملة لثقافة العمل بصفة عامة. وعليه، أرى أن الإشكالية أبعد من خطة خمسية لوزارة الخدمة المدنية أو في إحجام الجهات الحكومية أو الأهلية عن توظيف السعوديين. وليس الحلّ كذلك في جعل الجامعات مكنات تفريخ للموظفين والفنيين، حيث جاء من مقترحات الوزارة "زيادة الطاقة الاستيعابية في الجامعات في التخصصات المطلوبة في سوق العمل"، وهذا جيّد، لكنها "ترى ترشيد القبول في التخصصات التي لم تعد لها حاجة"! وكأن هدف التعليم العالي تخريج موظفين وفنيين! وأنا ضد مثل هذا المنظور المادي؛ فالجامعات صروح علم وبحث لكل طالب علم وبحث. وما التخلّف العربي إلا من نتائج هذه النظرة القاصرة للتعليم ووظائفه الفكرية والاجتماعية والإبداعية.
من جهة أخرى، هناك قرارات سابقة للمجلس في هذا السياق، ومنها قرار المجلس برقم 18/17وتأريخ 21/6/1421هـ، وينص على: "تكثيف الجهود في مجال تنفيذ قراري مجلس الوزراء، ذي الرقم(74) والتأريخ4/4/1419هـ، وذي الرقم(175) والتأريخ 25/8/1419هـ، الخاصّين بتنظيم أوضاع المتعاقدين غير السعوديين العاملين بالأجهزة الحكومية وإحلال السعوديين محلهم". وكذا القرار الآخر برقم 42/48 وتأريخ 1/11/1422هـ، وينصّ على: "تكثيف الجهود في مجال تنفيذ قرارَي مجلس الوزراء، ذي الرقم 74 والتأريخ 4/4/1419هـ، وذي الرقم 175والتأريخ 25/8/1419هـ، الخاصَّين بتنظيم أوضاع المتعاقدين غير السعوديين العاملين بالأجهزة الحكومية وإحلال السعوديّين محلّهم، وأن يتضمّن تقرير وزارة الخدمة المدنية نتائج تلك الجهود".
وما زال الوضع كما هو!
ولذلك، ولصدور قرارات سابقة من المجلس، فقد كان المتّبع في مثل هذه الحالة التأكيد على القرارات السابقة والإشارة إلى نصوصها.

أ.د. عبدالله بن أحمد الفَيفي
( عضو مجلس الشورى )
15 ربيع الآخِر 1432هـ



للتعليق على الموضوع: اذهب إلى ساحة نقاش الإضبارة!

شكرًا لاطّلاعك على هذه الصفحة!

جميع الحقوق محفوظة ©