شوريّات!: إضبارة أ.د.عبدالله الفـَيفي



مداخلة في يوم الثلاثاء 22/ 5/ 1432هـ
على المشروع المقترح باسم "مشروع نظام مزاولة مهنة التعليم"
المقدّم من (لجنة الشؤون التعليمية والبحث العلمي) بمجلس الشورى


السؤال الموجّه إلى اللجنة: هل هناك فراغ نظاميّ يستدعي صدور مشروع مقترح كهذا؟ غير واضحة مسوّغات هذا النظام؛ إذ ليس أمامنا إلاّ كلام إنشائي عامّ حول أهميّة وظيفة المعلّم. وهذا ما لا نختلف فيه، غير أن هذا المشروع لا يبرّر نفسه، ولا يُعالِج في موادّه التقييدية إشكاليّة ضعف المعلّمين والتعليم.
لقد كان الأقرب إلى المعالجة النظامية التعديل في نظام التربية والتعليم نفسه، أو الإضافة عليه، وفق المادة 23 من نظام مجلس الشورى. أمّا إن لم يكن ثمّة نظام طيلة تاريخ التعليم السابق في المملكة، فتلك مصيبة! فأين نظام التعليم العام؟ وأين المركز الوطني لتقويم التعليم العام؟ وأين مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام؟
لذلك أرى أن هذا المشروع لا يعدو تنظيمًا جزئيًّا، يتعلّق بالترخيص لعمل المعلِّم، وليس بمشروع نظام. بل إنه، لو أُقرّ ونُفّذ، لن يزيد البيروقراطية القائمة إلاّ تمكينًا، ولن يخدم جودة التعليم أو يرفع كفاءة المعلّم. ثم إن استعمال مصطلح "مهنة التعليم" في هذا المشروع استعمال غير مناسب. وكذا التعبير بـ"مزاولة مهنة...". لأن التعليم ليس "مهنة". فالمِهنة مصطلح على الأعمال الحرفية، واليدويّة، ويحيل لغويًّا على بعض الأعمال الخدميّة المتواضعة، أو المبتذلة في سلّم العمل اجتماعيًّا واقتصاديًّا. ولعلّ الأصح التعبير بـ"رسالة التعليم"، أو "وظيفة التعليم"، ونحوهما. كما أن في تعريفات المشروع نصًّا على "المعلم/ المعلّمة"، والصواب أن كلمة "المعلّم" اسم جنس، يشير إلى المذكّر والمؤنّث، ويعني في اللغة العربيّة كل من يؤدّي وظيفة التعليم. ولذا لا حاجة هنا إلى قولنا: "المعلم/ المعلّمة".
ولقد ورد في المادّة الخامسة ما يأتي: "واجبات مهنة التعليم... أولاً- (الالتزام بأحكام الإسلام)"! وأعجب لهذا التنطّع لإقحام مثل هذا في واجبات التعليم. وما المقصود بالتزامه "بأحكام" الإسلام؟ حتى إن المادة لم تعبّر بـ"الالتزام بآداب الإسلام" مثلاً، بل "بأحكام الإسلام"، هكذا! مع أن الأمر لا يعدو أحد أمرين: إمّا أن يكون المعلّم مسلمًا، فإذا كان اشتراط ذلك هو المقصود، فلا داعي لإضافة شرط آخر وهو: التزامه بأحكام الإسلام، فهذا أمر مفروغ منه، وهو واجب على كلّ مسلم، معلّمًا كان أو غير معلّم. وليس محلّ تحصيل الحاصلات، وتأكيد البدهيّات، في نظام كهذا. أمّا إن كان المعلّم غير مسلم أصلاً- وهذا وارد في بعض المدارس ولبعض المواد- فلا معنى لهذا الشرط كذلك. يضاف إلى هذا أن هذا الشرط- لو سُلّم بصحته- سيفتح المجال للاختلاف وللتأويل، بل لإقصاء بعض المعلّمين تحت ذريعة هلاميّة، أو غير محدّدة، ولا علاقة لها أساسًا بجودة الأداء. وكان يكفي اشتراط "الالتزام بأخلاق المعلّم"، أو "بالسلوك الحسن والآداب العامّة"، دون الدخول في مزايدات قيمية، لا مردود لها. أضف إلى هذا أن نظام بلدنا إسلاميّ، والمادة الأولى من نظام الحُكم تنصّ على ذلك، فما الداعي للتكرار بإقحام هذه الاشتراطات في الأنظمة، ممّا يخضعها لتفسيرات متباينة، ويعرقل الهدف المنشود.
ختامًا، فإني لا أرى ضرورة لهذا النظام (أو بالأصح التنظيم)، في وضعيته الراهنة.


أ.د. عبدالله بن أحمد الفَيفي
( عضو مجلس الشورى )
22/ 5/ 1432هـ



للتعليق على الموضوع: اذهب إلى ساحة نقاش الإضبارة!

شكرًا لاطّلاعك على هذه الصفحة!

جميع الحقوق محفوظة ©