نادَيتُ في أُمِّ القُرَى رَبَّـةَ الدَّارِ،
فاستَعْجَمَتْ خَيْلُ الحُرُوْفِ على القَاري
للهِ، وا قُمْرِيةً هَتَفَتْ في دَمِيْ!
ماذا صَنَعْتِ بِشاعِرٍ
ثائِرٍ
ضَاري؟!
ما شالُكِ المُـنْـثَالُ مِنْ بارقِ المُنْحَنَى،
يُـنْـبـِيْـهِ: أنَّ شِفَاهَهُ حَطَبُ النَّارِ!
أو شَعْرُكِ الرَّيَّانُ عِطْرًا بِجُنْحِ الوَنَى
يَصُوْغُ عُمْرَ الشَّمسِ في مُهْجَةِ السَّاري!
* * *
دارتْ عصافيرُ الجَنَى دَوْحَةً ،
فَانْبَرَىْ يَشْتَـفُّ مِنْ نائِيْ السَّحَاباتِ أَخطاري
كالطِّـفْلِ في دِفْءِ الأُمـُـوْمَةِ،
ساجيْ النَّـدَى،
وَجْهًا نَهَارًا ، يَجْـتَـلِيْ اللَّابِسَ العاري
و«البَارُ» يَسْعُلُ مُوْمِسًا،
خَطْوُها عِطرُها ،
تَسْقيْ بقِـيْـثَارِ الشَّذَى مِشْعَلَ «البَارِ»
يَحْسُو صَبُوحَ الصَّباحاتِ مِنْ صَدْرِها،
مِنْ حَلْمَتَيـْها ،
والضُّحَى نَهْـدُها الدَّاري
غَـيْـبًا نَدِيًّا،
نابِتًا في يَدَيْ مَرْوَةٍ،
والبُخْلُ كَـفُّ النَّـفْسِ ، لا كَفُّ أحْجَارِ!
* * *
غَـنَّى،
ويَأْسٌ نازِفٌ مُنْـتَـهَى كَأْسِهِ،
ما لم يَقُلْهُ شارِبٌ رَبُّ أَكْدَارِ:
النَّرْجِسُ البَرِّيُّ لِيْ ،
والثَّرَى دَفْتَرِيْ،
يا دِيْمَةَ الشُّرفَاتِ ، يا رِيْمَ أَشْعاري
نَـرْجَسْتِ عَـيْنِيْ ،
والهَوَى في الهوى قاتلي،
و البَعْثُ وَجْهُ حَبـِيْـبَـتِيْ/
فُلْكُ أَسْراري
يا زَهْرَةً تَشْفِيْ ( الزُّهَيْمِرَ )،
وَيْلُـمِّها!
تَنْسَى رَبِيْعًا شاعِرًا ذاتَ إِزْهارِ
هل فِيْكِ مِنْ دِيْوَانِ سِحْرِيْ لَـمَى وَرْدَةٍ؟
كَلَّا !
ولا ما صُغْتِ في رِيْشِ أَسْحَارِي!
* * *
يا أَيُّهاتِـيْكَ القُرَى ،
اسْتَـيْـقِظِيْ طِفْلَةً!
كَمْ نِمْتِ ، يا أنتِ ،
وكَمْ شَابَ سُمَّاري!
قُوْلِيْ ، مَتَى ،
يا جَذْوَةً عُمْرُها جَمْـرُها،
تأْتِـيْنَ مِنِّي ؟
والمُنـَى جَمْـرُ أَعْماري
في العَـيْنِ مِلْحُ تَساؤُلِيْ !
شَفَتِيْ حائِلٌ!
دَهْرِيْ يَلُوْكُ على الطَّوَى بِيْدَ أَدْهَارِي!
* * *
والعاطِلُوْنَ اسْتَعْبَروا في فَمِيْ مَوْطِنيْ
يا لَلْمَذاقِ المُـرِّ!
أَزْرَى بِأَمرَارِي!
صاحُوا :
«الـبَواشِقُ أَرْسَلَتْ جُوْعَها بَغْـتَـةً!»
تَـبًّا . .
فَـتَـبًّا للنُّسُوْرِ ، سِرْبَ أَعْذَارِ!
يا لَلنُّسُوْرِ الكاسِراتِ ! ..
ويا لِيْ هُنا؟
أَنَّى ابتَدَعْتِ ، حديقتي ، طَيْرَ أَقدَاري؟
* * *
خُبْزِيْ بِلا خُبْزِيْ ،
ومائِيْ ظَـمَا دامِعِيْ،
والناسُ تَأْكُلُنِيْ وتَشْرَبُنِيْ داري!
ما ذُقتَ حتَّى قَطْرَةً مِنْ دَمِيْ ، يا فَمِيْ،
لا ماءَ ، يا هَامَ البَرارِيْ ، بِآباري!
كُنْتُ الثَّرِيَّ ،
المُـرْتَجَى طَيْرُهُ في الوَرَى،
واليَوْمَ
كُلُّ ضُيُوفِهِ القَشْعَمُ الضَّاري
اليَوْمَ ،
كُلُّ جُيُوشِهِ،
سِلْمُهُ كالوَغَى،
ذُبَّانُ فاكِهَةٍ ذَوَتْ مُنْذُ أَعْصارِ!
* * *
تتَساقَطُ الذِّكْرَى على كَاهِلِيْ خُنَّـسًا،
رُحْمَاكَ بِـيْ .. باللهِ ، يا لَيْلَ تَذْكَاري
أَسْرِيْ عَجُوْزًا ،
دامِسًا ثَـدْيُها ،
دامِسًا نَهْـدَ الصَّبَاحِ ،
مُوْغِرًا صَدْرَ أنهارِي!
لا تَستطيعُ تَقَـدُّمًا ؛
كُسِرَتْ نارُها،
لا تَسْتطيعُ تراجُعًا ؛
قَشَّ تَـيَّارِ
ودُخَانُها التَّارِيْخُ ،
والـ«كانَ .. كُـنَّا»
- إذا بِالكَهْفِ مَارَ حَنِـيْنُها–
تَاجُها الغَارِي
تَـبْـكِيْ عَلى ذَهَبِيَّـةِ العَـيْنِ ،
ما أَطْرَقَتْ بِنْتُ السَّماءِ ،
تَعُبُّ في شَعْرِها الجَارِي
وتَلُوْمُ ما رَقَمَ النَّـهَارُ ،
أَ لَيْسَتْ تَـرَى يُـتْـمًا بِعَـيْنِ صَباحِها يَقْضِمُ الصَّارِي؟!
* * *
يا أَيـُّهذا اللَّابِسُ العِشْقَ ثَوْبًا لَـهُ،
قُدَّتْ ثِـيَـابُ العاشِقِيْنَ مِنَ النَّارِ!
قابَلْـتُـهُ، والجُوْعُ يَأْكُلُـهُ ،
فَانْطَوَى،
ومَكَثْتُ تَأْكُلُنِيْ شُمُوْسِـيْ وأَقْـمَارِي
ولَرُبَّما اشْتَاقَ الفَـتَى مَوْطِنًا ،
فاشْتَـكَى- بِسِياطِ قَارِعَةِ اللَّيَالِيْ- لِغَدَّارِ!
* * *
يا صاحِبِيْ ، أَوْجَعْـتَـنـِي..
أَحْرُفًا تَرْتَوِي مِنْ كُلِّ غاباتِ الرَّدَى نِسْغَ أَوْتَاري
تَجرِيْ سَفِيْنُـكَ ماخِراتٍ ضَنَى أَظْـلُعِيْ
مَلْأَى بِيَأْجُوْجَ بْنِ مَأْجُوْجَ مِنْ عَارِي
ثُـرْ كالدُّوَارِ بهامَـتِيْ ،
شَبَحًا قائِمـًا، يَأْبَى المُـقَامَ ،
وكُنْ لَـهُ..
قُطْبَ تَسْفَارِي!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* صحيفة "الاتحاد" الإماراتيّة، الملحق الثقافي، الخميس 26 شوَّال 1433هـ= 13 سبتمبر 2012م، ص24.
|