أميرة الماء:2.قصائد:إضبارة د. عبدالله الفـَيفي http://www.alfaify.cjb.net  

[29 NOV 1998 ] Article No : 251

أميرة الماء

د. عبد الله الفــَيفي


مَوْجٌ على مَوْجِ الهَوَى يَتَكَسَّـرُ
والبحرُ أيّامي ، تُخِبُّ خيولُهـا ،
كُلُّ الذين رأوكَ في حَدَقِ الصُّوَى
بَصُـروا بأنّ أمـيرةَ المـاءِ التي
المغربُ الأقـصى على أهدابهـا
من صَقْرَ فوديها إلى عُشْبِ الفَلا
وعلى نوارس ركبتيها رَفْـرَفَـتْ
ولها على أُفُـقِ الزمانِ تَوَقُّـدٌ
يَتَبَدَّدُ التاريـخُ فـي بيـدائـها
أينعـتُ من رغمِ الثَّرَى بمفـازتي،
لِتَلُفَّـهُ من دفئها بمُـطَـهَّـمٍ-
تسهو على وَلَـهٍ مشاعلُ وَجْدِها
عَرَفَ انهمارَ الدهْرِ من أعطـافها
* * *
يا أيهـا الأنثى التي حملتْ "زمـا
غادرْتني نَهْبَ القصـائدِ والرُّؤى
أهـمي حنيناً في ثراكِ ، وأنثني ،
تلك التي ظمئتْكَ قد أظمتْكَ، والـ
أ فَهكـذا عشقيكِ يبقَى جَـذْوَةً
* * *
كم قلتُ يوماً ، والهـواءُ غلائلٌ
يـا نخـلـةَ الله التي أثـداؤها
هُـزّي بجذعي ، إنني لكِ جائعٌ،
أُهْدِيْكِ رايـاتي، شراعاً من دمي،
يَهْنِيـْكِ منها خامـةٌ من غيمها
وخُـذي بأعناقِ الشعاراتِ التي
هـذي فلسطينُ كأطـولِ كِذْبَةٍ
والمسلمون مسـابحٌ ومـباخِـرٌ
بغدادُ في "فيلم العروبة" أُحْرِقَتْ
وتَجَشَّأَ الأعـرابُ.. أمريكا على
الراضعون بثديها .. هل فوجئوا؟
هزّي إليكِ بجذعها ، يلدُ الضحى
والآخـرُ الطفلُ الذي في خاطري
* * *
يا أنتِ ، يا نحنُ ، وما يبقَى على
أدري بأنكِ في مخاضكِ ، بينمـا
أدري بأنك حُـرَّةٌ ، وأسـيرةٌ ،
أدري بإطْـراقِ الـجوادِ إذا كَبَا
* * *
ولقد علمـتِ بأنّ قلبكِ دانـةٌ ،
لكنّ عنوانَ الأنوثـةِ مشْمـِسٌ ،
عنوانُ لحظـيكِ مقاتـلُ مهجتي،
تلك التي قتـلتْ فؤادكَ أبْدعـتْ
فتحـرّري منّي، فمنكِ بدايـتي ،
لا يقرأ اللغةَ الولودَ سـوى الذي
وأنا هـنا ببيـاضـها متوسِّـمٌ
لا تندمي ، لا تحلمي، واسـتقبلي
* * *
تدرين ما قرأتْ أنامـلُ سـاعتي
بيتـين لفّهما الغموض بهـامتي ،
"إنْ لم يكن لكَ منكَ طِبٌّ في الهوى
لولا دمـاء الموتِ في مُهَجِ الحـيا
* * *
يا غيمـةَ الفصلِ الأخـيرِ، تمهّلي
تتفـتّتُ الذكرى الحرونُ براحتي
غَـزَلَتْ بُـرادةَ ذكـرياتي غادةً
تنتـابني ريّـانةً بجـموحـهـا
سـأظلّ أرنو ظامـئاً لجَهَامِهـا،
قَـدَري أحبّكِ أنتِ، يا فتـّانتي،
كم-كالفَراش- نموتُ في أضدادنا!


ومدًى يسـافرُ في مَدَاهُ ويُبْحِـرُ!
أسَـفاً يروح ، وبهـجةً تتمطَّرُ!
بَصُروا بعشقكَ ، إنما لم يُبصروا!
وهَبَتْكَ نَـوْأَكَ أمْرُها لا يُقْهَـرُ!
شَرْقٌ، يَزُفُّ جناهُ طَرْفٌ أَحْـوَرُ!
خشْفان ، حفَّهما الفُتونُ الأكـبرُ‍ ‍
أشواقُ أيـّامي، ومَـارَ المَرْمرُ!
ولها على أُفُـقِ المكـانِ تَعَـثُّرُ
وإذا أرادتْ ، فهْو عَـبْدٌ مُحْضَرُ!
هَتَفَتْ بهِ، فحواهُ فجـرٌ أخْضَرُ!
سَـعَفُ الأصائلِ ساعِداهُ - وتَبْذُرُ
الصُّوفيّ، أو يصحو الحضورُ المُزْهِرُ
فسقتْهُ، لا يَصْحُو ولا هُوَ يَسْكَرُ!
* * *
نَ الوصلِ"، طِفْلاً،أينَ منكِ تَنَكُّرُ؟!
متجـاذَبٌ، متـداوَلٌ، متبعـثرُ
من فرط ما بي، هـائماً يتفكَّـرُ
أبدُ انتهى ، والمـاءُ معنًى مُضْمرُ!
في الروحِ ، تخبو تـارةً أو تَظْهَرُ؟!
* * *
بيْضٌ ، وطـار بنا جناحٌ أشْـقَرُ:
رُطَـبُ الحـياةِ وظِلُّها المُتَهَصِّرُ!
وتسـاقطي كمَجَـرَّةٍ تَتَكَـوَّرُ!
وخيوطـها من مهجتي تَتَحَـدَّرُ!
ليعـيثَ فيها ذا البهـاءُ المُـبْهِرُ!
قَضَمَـتْ بجسمي أُمَّـةً لا تَشْعُرُ!
تاريخُـها عَـرَبٌ تقولُ وتَكْفـُرُ!
أُمَمٌ هنالك كمْ تَنَـامُ وتَجْـأَرُ!
والمُخرجانِ "تَأَمْرُكٌ" و"تَدَوْلـُرُ"!
أكتافـهمْ بالتْ.. وبانَ المَخْـبَرُ!
فـ"حضـارةُ الأبقارِ" منهمْ أَبْقَرُ!
طفلين : طفلاً بالأَرُوْمَـةِ يجْـدُرُ
من ألـفِ عامٍ فكرة لا تَكْـبُرُ!
* * *
كَفِّ الزمانِ بطقسـنا ، يا بَيْدَرُ!
أهلوكِ حولكِ ، هازئٌ، أو مُنْكِرُ!
ولكِ الجموعُ بأسرها تستأسِـرُ!
أو باختـلاج القلبِ إمّا يُكْسَـرُ!
* * *
أغـلى من الأغلى عَلَيَّ ، وأَنْضَرُ!
أبداً ، وعنوانَ الذّكـورة مُقْمـِرُ!
لو كان بي غيري ، وبئـس تَعَذُّرُ!
قـتّالهـا، ولكـلّ آتٍ مَصْـدَرُ!
ولتغفري حُبّي ، فمـثلُكِ يَغْـفِرُ!
يحـيا الأمومةَ،كُـلُّ أمٍّ تَصْـبِرُ!
وجْهَ الشُّروقِ ، بسِـفْرِهِ مُسْتَبْصِرُ
أمسي ، وبابُ الوَعْدِ صُبْحٌ مُثْمِرُ!
* * *
في وجهكِ الذَّاوي، وبَرْدٌ يَصْـفرُ؟
نَعَـبَا ، وهذا الكونُ ليلٌ مُغْـدِرُ:
فطـبيبكَ الموتُ الذي لا تَحْذَرُ!
ما أَخْصَبَ المـاءُ المواتُ المقفرُ!"
* * *
فشـفاهُـنا من حلمتيكِ الكَوْثَرُ!
فأشـمّ منهـا أنجـماً تتحَـرَّرُ!
ضوئيةً، تنهـارُ فيـها الأعْصُـرُ!
لـتروح مـني ثـورةً أو تُبْـكِرُ
لا مقشـعاً عنّي ، ولا هُوَ يُمْطِرُ!
من ذا على قَـدَرِ المَحَبـةِ يَقْدِرُ!
والحُـبُّ بعدَ عـداوةٍ هُوَ أَشْعَرُ!

2003


* اليوم الثقافي، صحيفة "اليوم"، الاثنين 23/ ربيع الثاني/ 1424هـ= 23/ يونية/ 2003
* المجلة الثقافية، صحيفة "الجزيرة"،الاثنين 16/ ربيع الثاني/ 1424هـ= 16/ يونية/ 2003
* أدب وثقافة، صحيفة "26 سبتمبر" اليمنية، عدد رقم 1065، في 8/ 5 / 2003



شكراً لقراءتك هذه القصيدة!

أنت القارئ رقم:


FastCounter by bCentral

جميع الحقوق محفوظة ©