سلمـان:2.قصائد:إضبارة د. عبدالله الفـَيفي http://www.alfaify.cjb.net

 

سلمـان


ما جَفَّ  حِبْرُكَ في دَمِـيْ، يـا خَـالي

.. وفَتَحْتُ قَلْبَكَ، عالَـمًا من أَنْجُـمٍ،

هذي حُرُوْفُكَ ،  أم حُرُوْقُكَ، لم تـَزَلْ

هذي "طُرُوقُكَ" ، بَـدْؤُها والمُنْتـَهَى،

في كُـلِّ  نُـوْنٍ  لَفْـتَـةٌ حُـوْرِيَّـةٌ

هلْ غـادرتْ مِنّي الأصَـابِـعَ نـَبْرَةٌ

* * *

إنْ أَوْحَـشَتْ مِنْكَ  المسَـاءَ  عُيُونـُنَا

كَمْ كُنْتَ غَـضًّا، كالتَّحِيَّةِ ، مُشْرِقـًا،

قد كـان كأسُـكَ من ذَكـاءٍ كُـلُّهُ

فشَـرِبْتُ صَوْتَكَ، صافِـيًا ، تَرْوي بِهِ

"في البحـرِ يسـبحُ بي خيالٌ مُغـْرِقٌ"

ولقد كَتَبْتَ بغَيـْمَـةٍ خَضْـراءَ  خـا

نَهْرًا  من الحِـبْرِ  المضِـيءِ ، فرادِسـًا

سُبـْحانَ مَنْ وَهَبَ  المَواهِـبَ للوَرَى

صَـوْتٌ نَمِـيْرٌ، مـاؤُهُ مُـتَـهَـلِّلٌ

فـرَبَتْ عُرُوْقُ الأرضِ ، والإنسانِ، لو

لهفا رسـولُ العِشْقِ  مِنْ حَدَق  الذُّرَى

* * *

إنْ قِيْل: إنّ  الشِّعْرَ تـُلْهِـمُهُ  الرُّؤَى،

في كُلِّ بيـتٍ ألْـفُ عـَيْنٍ ، كُـلَّما

 

أَبَدًا، ولا أَدَبٌ سَـرَى بِخَـيَـالِـي

وسَمَحْتَ لي، فجلستُ حيثُ حلا  لي

بالحُبِّ  يُشْـعِلُ نَبْضُـها أَوْصـَالـي

طَـيْـرٌ بسِـدْرَةِ قَلْـبيَ  الأَطْـلالِ

تُلـْقي على كَتِفِ الزَّمانِ سُـؤالي:

رُوحِيـَّةُ  التَّكـويـنِ  والأفعَـالِ؟!

 * * *

فعُـيُونُ  شِـعْـرِكَ  لَذَّتي ووِصَـالي

جَزْلاً ، جَمِيْـلاً ،  أُمَّـةً بِحِيـالـي

أَشـْهَى على كَبِدِيْ  مِنَ السَّلْسَـالِ

سَـمْتَ الكُهُـوْلِ  وشِقْوَةَ  الأَطْفَالِ

غَنَّى القصيدُ. فهام كُـلُّ جـَمَـالِ!

تـمـةَ البروقِ وجمرةَ  الإشـْعـَالِ!

من فاكهـاتِ الفِـكْـرِ والأمثـالِ!

وحَـبَـاكَ منها أَنـْجـُمًا ولآلـي!

غَسَـلَ الفُـؤادَ بِقَطْـرِهِ الهَـمـَّالِ

أنّ الحـجـَارةَ   تُسْـتَـثارُ  لِغـَالي

يَنْعِيْكَ، يا لُـغـَةَ الضَّـميْرِ العـَالي!

* * *

سأقُوْلُ : شِـعْرُكَ رُؤْيَـةُ الأَجْيـَالِ

أَنْشَدْتَهُ جاشـَتْ شِـعـافُ جِـبالي


تـَرْمِـي قوافـيَ  كالنيـازكِ تـارةً

وتُـنضـِّدُ الإحساسَ كاذًا يـانِعـًا

ورأيـتُ في أُفُـقِ التَّلَـقِّي  أدمُــعًا

بجَـمالِهـا وجَـلالِهـا، بنِسـائِـها

فَيْـفاءُ منكَ اليَوْمَ تَـبْكي  شـاديـًا

* * *

- سـلمانُ، يا سَيْـفًا تساقَطَتِ الظُّبَى

أنـتَ الحِكايـةُ، يا ابنَ آدمَ، قُلْ لَـنا

- مـنذُ الطُّفُولـةِ عِشْتُ  "أيُّوبًا"، إلى

مـا ذُقـْتُ لونـًا واحِـدًا مِنْ لَـذَّةٍ

ضَمّـدْتُ بالجُرْحِ الجِـرَاحَ، ودونـَها

قَضـمَ الشَّباب – جَهَالَةً– لم يَدْرِ مـا

ما راعَني  الموتُ  الـزُّؤَامُ  مُصَافِحـًا

لكأنـَّما كـان  التَّحدِّي  سَـرْمَدًا:

أَتْعـَبْتُ سَـيْفَ الوقتِ فِـيَّ. وهكذا

أيمـوتُ هذا المـَوْتُ  إذْ نلقـاهُ فـي

ولربـما  أردتـْكَ  مِـنـْهُ  نـَبْـأَةٌ

عِشْ حيثُ أنتَ، رجـولةً فوقَ الثَّرَى،

أبـَدًا  تُفَـتِّتُ صَخـْرةَ  الأَقْدارِ ، في

فاللهُ فيـك ، إذا تـشـاءُ، بكَـفـِّهِ

* * *

يا مَنْ رَحَلْتَ ضُحًى، كأنّكَ  هاهـنا

أقويتَ مَغـْنَى القَلْبِ، كم من سـائلٍ

للهِ أنـتَ ! متـى أَراكَ ؟ فقد ذَوَتْ
 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 




 

 [ م ]


وقوافـيـًا  كـعواسـِلٍ  ونِصـَالِ

بـاقـاتـُهُ مَلأتْ عَـلَيَّ سِـلالِي

ملأتْ كـتابَ الحُـبّ  والإجْـلالِ

ورِجـَالِـها، وبـأذْرُعٍ  وتــِلالِ

مَـسَحَ الدُّمـوعَ  بصَوْتِهِ  السَّيـَّالِ!

* * *

وبَقِيْتَ وحْـدَكَ صَـارِمَ الأهْـوَالِ!

كيفَ  أرتأيتَ حِكايـةَ  الآجَـالِ؟

أنْ مـاتَ صَبْرُ الصَّبْرِ في  التَّرْحَـالِ!

إلاّ  بـهِ  قزَحٌ مـِنَ  الأثْـكَـالِ!

سَـرَطَانُ بَحْرِ المَـوتِ فِـيَّ يُوالـِي

فَعَلَتْ يـداهُ بصَفْـوَةِ  الأشْـبَـالِ!

إذ راعَ كُـلَّ فرائـصِ الأبـطـالِ!

تِرْيـَاقُ مـا يَـفْـنَى بـحَيَّةِ آلِ!

انْتَحَرَ الزَّمانُ ، وعِشْتُ كالإشْـكالِ:

كَبـدِ  الحَـيَاةِ بِعَـزْمَـةٍ  ونِـزَالِ؟

صُغـْرَى  بِغـَيْرِ شَكيْمَةٍ وقِـتـالِ!

ورجـولةً تحتَ  الثَّرَى المُنـْهـَالِ!

كَـفِّ اليَقِـيْنِ، بقُدْرَةِ  الفَـعـَّالِ!

كُلُّ المُـحـالِ هناكَ غَيـْرُ مُحَـالِ!

* * *

ما زِلْتَ تَـقْرأُ صَـفْحَةً  في بـالي!

شَفَتَاهُ  لا  تَقْـوَى على الـتَّسْـآلِ!

في البُـعْدِ بَعْـدَكَ  نَخْلَتي  وغَـزالي!


يا رُوْحَ "أَنْكِـيْدُو"، سـلامًا وارفـًا!

طـالَ الغِـيَابُ، ألا  تُـطِـلُّ كغَيْمَةٍ

ما زِلْتَ مُذْ غادرتَ   تَمْـثُلُ  باسـِمًا

* * *

الموتُ – يا ربِّ – تَصَـيَّدَ شـاهقًا

ولقد علِمْـتَ بأنّ عَـبـْدَكَ واحـدًا

فاجعلْ ظِـلالَـكَ  خَـيْمةً  دُرِّيَّـةً

وارسُـمْ بلُطْـفِكَ لَوْحَةً  نُـوْرِيَّـةً

يومـًا بـه "سِـيْزِيْفُ" نَـاءَ  بثِقـْلِهِ

* * *

كُلٌّ لها،  والفَـرْقُ :  فـارسُ مُهْـرَةٍ

وكَسِـيْرُ مِضـْمَارٍ، يُجَرْجِرُ  خَطْـوَهُ

 


مَنْ لـي لهذا  الحـُلْمِ مِنْ "نِرْكَالِ"؟!

وطْفَاءَ ، تَسْأَلُ في الثَّرَى عن حـالي؟!

مِنْ  عَنْ  يمـيني  تـارةً  وشِمـالي!

* * *

والأمْرُ فيه لعَدْلِـكَ  المُـتَـعَـالي!

أَوْدَى بـلا  مـَـالٍ بلا  آمـَـالِ!

تَغـْشـاهُ منكَ بنورِها الهـَطَّـالِ!

يومـًا طويـْـلاً ليس فيه  ليـالي!

ونَنـُوْءُ  مِنْ فَـرَحٍ  بغـَيْرِ كَـلاَلِ!

* * *

مُتَـحَدِّرٌ كَـتَحَـدُّرِ الشـَّـلاَّلِ!

في العـاجِـزِيْنَ  بمـَوْتِـهِ   المُتَوَالي!

جدة ، 19 المحرم 1425هـ = 9 مارس 2004م

 

شكراً لقراءتك هذه القصيدة !

أنت القارئ رقم:

FastCounter by bCentral

جميع الحقوق محفوظة ©