إلى شعراء "البيتزا
هوت"! ما زالتْ ثَمَّةَ أنثى واقفةٌ، في ردهاتِ الرُّوْحِ القُصْوَى، كخفايا عِقْدِ الكاذِ الأولى، تسقينا من عينيها، نبتاعُ قصائدَها بقصائدِنا، كي يشربَ نادينا كأسَ الراحِ المكسورةَ داخلَنا، إذْ نَرْبِتُ حُمْلانَ الأفكارِ، روابضَ بينَ حواجبِنا!
ها إنّا كلَّ مساءٍ نحتلبُ الكلماتِ كمَعْزٍ من يدِها ... مُلِئَتْ يدُنا لَبَناً، جمراً، فلنُحْيِيْ طقسَ مواسمنا البحريةِ، هذا موسمُنا ولتصعدْ حورياتُ البحرِ، تصيد ملامحَها بملامحِنا!
آهٍ ما أبهجَ موسمَ هذا الطِّفْلِ القابعِ في أُمِّهْ! آهٍ ما أبهجَ موسمَهُ المائيَّ، ويا خسرانَ مواسمِنا! جناتُ الخُلْدِ لهُ أبداً! وجحيمُ الشِّعْرِ تَعيثُ بساعتِنا!
لِوَمِيْضِ لياليهنَّ الحُمْرِ، كخُضْر ترائبهِ بترائبنا، ها هُنَّ أولئكَ حسناواتُ الموتِ يقطّعْنَ الأيْدِي يَصْطَدْنَ براءةَ يوسُفِنا بشباكِ خطيئتهِ الأولى وشباكِ خطيئتنا!
كحماماتٍ، ها هُنَّ أولاءِ مَعاً يسقينَ طفولةَ غفوتهِ الجَذْلَى عُشْبَ الوَجْدِ الدّافي ومورّدةُ الحَلْماتِ تُجاذبُ جذوتهنَّ بجذوةِ نشوتِنا
لكنْ، دِرْكيتو لم يعجبْها شكلُ حَمَامَتِها، ننياسُ يُنَفِّرُ كلَّ حَمَامِ القَصْرِ ببابلنا! وتواريخُ الآشوريينَ تَدُوْرُ تَدُوْرُ، كفَلْكَةِ مِغْزَلْ آشورُ: - "سُرَّ من لا رأى!"- تاريخُ حصانٍ أَعْوَرْ ريشُ جناحيهِ يشتعلانِ بزيتِ مشيمتِنا!
آهٍ ما أبهجَ موسمَ هذا الطِّفْلِ القابعِ في أُمِّهْ! آهٍ ما أبهجَ موسمَهُ المائيَّ، ويا خسرانَ مواسمِنا! جناتُ الخُلْدِ لهُ أبداً! وجحيمُ الشِّعْرِ تَعيثُ بساعتِنا!
بمحارةِ يعقوبَ "المتشائلِ" فينا نحنُ الـ قدّمناهُ ضحيَّتَنا و"ذهبنا نستبقُ"! كي يأكلَهُ الذئبُ، أو يأكلَهُ الجُبُّ، أو يأكلَهُ الحُبُّ الفيّاضُ، تكوثَرَ من "أبناءِ اللهِ أحبّتهِ"، واجْتَبَّ بأمِّ الأرضِ جميعَ أحبَّتِنا!
وبأيدينا نحنُ، لا أيدي الذئبِ، ولا أيدي العِبْرانيينَ، قتلناهُ! لتُغَنِّى أجيالُ الشُّعراءِ الشَّعْبِيِّيْنَ بطَقْسِ ذبائحِنا، نحنُ الشهداء بشِعْرِ الطَّقْسِ، كقافيةِ الطَّبْلِ البَلَدِيِّ بحارتِنا!
وبأيدينا؛ ... فضمائرُنا طَهَّرْنا منها كُلَّ خلايانا، عَقَّمْنا الأيديْ منْ مِكْرُوبِ سُلالتِنا حاصَرْنا كُلَّ جُيوبِ النَّخْوةِ في دمِنا، وكَتَبْنا كُلَّ حروفِ الكِذْبَةِ في فَمِنا، وحَمَلْنا اللا شيءَ العَبَثِيَّ على يَدِنا، وعلى الأخرى أرْسَلْنا الأشواقَ الوَرْدِيَّةَ، تُوقِدُنا فيدانِ: يَدٌ نامتْ، ويَدٌ سرَقَتْ يَدَنا، .. وتَطَوَّحَتَا بنقائضِنا!
وبأيدينا؛ ... منذُ: غَشِيَتْ قَيْساً لَيْلَى .. لتَمُدَّ له نَعْنَاعَ يَديْها، حُلُماً، يَفْنَى قَيْسٌ، ويدا لَيْلَى ليستْ تَفْنَى! فغَدَا، ولهاً، كحصانٍ أدهمَ، يعدو في غَدِنا! وزعمْنا أنّ الجنةَ مَوْعِدُهُ، وحلفْنا أنّ الجنةَ مَوْعِدُنا!
وبأيدينا؛ ... منذُ: خانتْ لغةٌ حُبْلَى.. كُنَّا خُنَّا فجعلناها "سِرْكاً" أعْمَى، يتأرجحُ في حَبْلَيْ مَعْنَى: من "روما العصرِ"، إلى "نحنُ كُنَّا"؛ مَشْطُوْرِي القامةِ، "نمشي"، مَكْسُوْرِي المبنى! فبأيةِ ما نَحْوٍ عربيٍّ نُعْرِبُنا، وبأيِّ عروضٍ شعريٍّ نبني الوَزْنا؟!
شعراءَ الزَّفَّةِ، عَفْواً، هل كان (الدُّرَّةْ)، في نهر الفردوسِ الأعلى، محتاجاً فَحْلاً مَخْصِيًّا يُلْقِي فينا "دُرَّةْ"؟!
هل كان أبوهُ، بدائرةِ الموتِ الكُبْرى، يحتاجُ لشاهد قبرٍ شِعْريٍّ يمليْ دمُهُ سَطْرَهْ؟!
ولَكَمْ دُرَرٌ سَقَطَتْ، من قَبْلُ، وكَمْ تَسْقُطْ؟! في أيدينا، من أيدينا، وبأيدينا!
شعراءَ الزَّفَّةِ، مَهْلاً، هل كانتْ بغدادُ بحاجةِ فحْلٍ مَخْصيٍّ يُحْيِيْ في المربدِ شِعْرَهْ؟!
فلَكَمْ بغدادُ هنا سَقَطَتْ، من قَبْلُ، وكَمْ تَسْقُطْ؟! في أيدينا، من أيدينا، وبأيدينا!
شعراءَ الزَّفَّةِ، لُطْفًا لا أمْرًا، أفتوني في أمري: هل كانتْ جُمْجُمَةُ الشيخِ المشلولِ، الطاعنِ في كُرسي سَـيُرَوِّيْها "كلاشينكوفُ" الكلماتِ، عصائبَ كالطيرِ حامتْ فوقَ الفرعِ.. دونَ الرأسِ بمدجّجةٍ من آلاتِ الشّعرِ كي تُرعدَ.. تُمطرَ.. من سُحُبٍ حَرَقَتْنا مثلَ "دخونٍ" هنديٍّ، لتلقّنَ- صاحتْ بي - فجرَ العنقاءِ بالرسِّ : أن الغَدَّارَ لهُ يومٌ.. وسيَذْرِفُ من دمِهِ غَدْرَهْ ؟!
ولَكَمْ رأسٌ سَقَطَتْ، ولكَمْ تَسْقُطْ؟! في أيدينا، من أيدينا، وبأيدينا!
شَهِدَتْ "كمِرا" أو لمْ تشْهَدْ ها همْ أطفالُ الأرضِ المُحْتَلَّةْ من رامَ اللهِ إلى البصرةْ، في الفلّوجةْ، في جينينَ الثَّكْلَى، في بَعْقُوْبَةْ، حَطَبُ الحاخامِ الأكبرِ والأصغرْ وفطيرُ الربِّ يهوذا مخضَلٌّ بِنَدِيٍّ من دمنا الأحمرْ "… هلالويا" .. "اللهُ أكْبَرْ"! ... وحناجرُنا فغرتْ بغُبَارِ قصائدِنا!
تعبتْ أرقامُ "البُرْصَةِ" من دمِنا وتعبْنا نحنُ نَعُدّ القَتْلَى في عُرْسِ العَمْ سامْ! فلتُعْطُوا الشِّعْرَ وهذا العَدّادَ الأفْعَى ربًّا للشِّعْرِ سواكمْ، أو ربًّا للعَدْ لنموتَ، نموتَ هنا بسَلامْ!
ها نحنُ أولاءِ على إيقاعِ الدُّرِّ، تَسَاقَطُ من دمِنا، من عِقْدٍ كان فريداً كالشَّرَفِ العَرَبِيِّ، تناثرَ بينَ قبائلِ هذي الأرضِ، سنحتفلُ، لنُغَنّي مَوَّالاً آخَـرْ، ونُعَنّي أجيالاً أُخْرى: "يا ليلَ [العُرْبِ] متى غَـدُهُ أقيامُ السَّـاعةِ مَوْعِـدُهُ"؟! …
لو بعضَ حَياءٍ، يا شُعراءَ الزَّفَّةِ! بعضَ حياءْ! ... لو بعضَ حَياءٍ، يا "فرقةْ حَسَبَ اللهْ"، من شُعَراءِ المَشْرقِ للمَغْربْ!
شعراءَ الشِّعْرِ "البيتزا هُتْ " و"المكدونالدزْ"، كمْ منْ "عَوْلَـمَةٍ" للرِّقِّ وتبديلٍ للأسماءْ؟! بعضَ مذاقٍ للكلماتِ، وبعضَ رُوَاءْ!
لقصيدةُ صَمْتٍ واحدةٍ أشهَى من هذا "الشِّعْرِ_بَغَاءْ"! لقصيدةُ صَمْتٍ واحدةٍ أشْجَى من هذا العِيِّ البَيِّنِ يَفْضَحُنا! ويُعَرِّي في الآتي بكتابِ التاريخِ الأَبَدِيّ نموذجَنا! لقصيدةُ صَمْتٍ أشرفُ من أبياتِ "الفَرْقَـعَةِ" المزدانةِ ...، تسعَى في هذي الملهاةِ صباحَ مساءْ!
هل شَالَ لواءَ الشِّعْرَ هنا أحدٌ لم يَدْخُلْ طَقْسَ جنائزِنا، في بِشْتٍ "سوبرمانيٍّ" أو ربطةِ عنْقٍ حمراءْ؟ ليُقَدِّمَ مُحْرَقَةً أخرى، قرناءَ ككبشِ بني عَبْسٍ .. ويَسُحَّ قصائدَهُ الخَنْسَاءْ؟ يَتَأَبـّطُ رائعةً عَصْمَاءَ، بِكارتها جدبٌ، وكهولتُها صحراءْ! رَشَقَتْ دمَهُ بعصارة لوزِ الفتنةِ في عيني حَوّاءْ! لتُراودَ عِفَّتَهُ، فتراودَ عفتَنا لغة بيضاءْ! وكسكّينٍ أَلِفَتْ يدُها يدَنا، ذَبَحَتْ جيلاً سَلَفُوا مِنّا، وسَتَذَبَحُنا.. شِعْراً: وجميعاً نحنُ هنا شُعَراءْ.. نَثْراً.. نَحْراً: وجميعاً نحنُ هنا "نُحَرَاءْ"!
وجميعاً نحنُ نُغَنِّي، عَنْ غَدِنا: "يا طَقْسَ عُبُوْرٍ، قلْ لي شيئاً، ما عادتْ لغةُ التَّرْحالِ تُعَزِّيني! أ غَداً شَمْسٌ أُخْرَى؟ أمْ شَمْسُ الأَمْسِ سَتَكْسِرُها أُمّي كي تَسْقِيْني؟!"
يا تجّارَ الكلماتِ، حياءً! نرجوكمْ.. لو بعضَ حياءْ!
ما قال الشِّعْرَ هنا أحدٌ أبداً شَفَتَاهُ تحترمانِ الشِّعْرَ، وهذا المَشْهَدَ، أو نَفْسَهْ!
الرياض، 15/ 10/ 2003
|
شكراً
لقراءتك هذه القصيدة !
أنت
القارئ رقم:
FastCounter by bCentral
جميع الحقوق محفوظة ©