أقيم الملتقى السنوي لأكاديميي ومثقفي منطقة جازان، في قصر أمير المنطقة، بمدينة جازان، ليلة الأربعاء 20/ 5/ 1428هـ، واستمر حوالى 3 ساعات، نوقشتْ خلالها محاور هي:
1) مشروع إنشاء صحيفة جازان.
2) مشروع إقامة مركز ثقافي متكامل، يضم متحفًا، ومركز وثائق وطنية، ومكتبة شاملة.
3) تفعيل لجنة الأهالي، لمعالجة مشاكل المواطنين في المنطقة كافّة.
وقد بدأ الحفل بالقرآن لكريم، ثم كلمة لسموّ الأمير، فكلمة الأكاديميين والمثقفين في المنطقة، ألقاها عنهم د. عبدالله بن أحمد الفَيْفي (عضو مجلس الشورى). ثم توالت فقرات الملتقى، فقدم الدكتور هاشم عبده هاشم ورقة عمل حول مشروع صحيفة جازان، مشيرًا إلى أنه سيتم قريبًا، إذا توفّر رأس المال الكافي. ثم قُدّمت ورقة حول إنشاء المركز الثقافي. بعد ذلك نوقشت تلكما الورقتان، وكذلك موضوع لجنة الأهالي وقضايا أخرى تهم أبناء المنطقة. وقد خرج المجتمعون بضرورة متابعة تلك المشاريع، لترى النور قريبًا، بإذن الله، وكذلك دَعَوْا إلى الجدّيّة والتعاون في إنجاز مشاريع المنطقة التنمويّة، في القطاعين الجبلي والتهامي، الآخذة مجراها برعاية سموّ الأمير.
ثم كُرّم عقب ذلك أربعة من أعلام المنطقة، هم: معالي الدكتور مدني علاقي، سعادة الدكتور هاشم عبده هاشم، سعادة الأستاذ حجاب بن يحيى الحازمي، فضيلة الشيخ علي مديش بجوي.
وممّن حضر الملتقى: سمو الأمير تركي بن محمد بن ناصر، د. محسن الحازمي (عضو مجلس الشورى)، د. علي عباس حكمي (عضو مجلس الشورى)، د. حمود أبو طالب (الكاتب المعروف)، الأستاذ أحمد بهكلي (الشاعر المعروف)، د. حسن حجاب الحازمي (رئيس النادي الأدبي بجازان)، وجمع غفير من مثقفي المنطقة وأعيانها.
وفيما يلي كلمة الأكاديميين والمثقفين في المنطقة، التي ألقاها نيابة عنهم د. عبدالله بن أحمد الفَيْفي (عضو مجلس الشورى):
صاحب السموِّ الملكي الأميرَ محمّدَ بنَ ناصر بنِ عبد العزيز،
صاحب السموِّ الملكي الأميرَ تركي بنَ محمّدَ بنِ ناصر بنِ عبد العزيز،
أصحابَ المعالي والفضيلةِ والسعادة، أيها الجمع الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من حسن الطالع أن تجمعنا الثقافة اليوم بكوكبةٍ مكرّمين من أعلام الإدارة والعلم والأدب والإعلام.. هم نماذج مضيئة، وشواهد بارزة على ما تحفل به منطقة جازان من ثراء إنسانيّ إلى ثرائها الطبيعي. ولا غرو، فأعلام الثقافة والفكر في هذه المنطقة يمثّلون رصيدها الأكبر، ليس في تاريخ جازان القديم والوسيط فحسب، ولكن في تاريخ المملكة العربيّة السعوديّة كذلك.
واليوم- يا صاحب السموّ- يرتفع على يديكم الكريمتين السؤال الثقافي الطموح بمشاريع طالما حلمت بها منطقة جازان حتى تماثلت إلى الوجود بتطلعاتكم وبغرسكم ورعايتكم. منها- على سبيل المثال لا الحصر- صحيفة جازان، ومن أحرى من جازان بصحيفة، وكثير من روّاد الصحافة السعوديّة من أبنائها؟! ومن تلك المشاريعِ المرتقبةِ كذلك: مركزٌ ثقافي متكامل باسم جازان، يُتَوخّى فيه أن يضمّ متحفًا، ومكتبة شاملة، وقسمًا لحفظ الوثائق الوطنية. ومثل ذلك المركز مهمٌّ للمّ شتات الوثائق، وبقايا المخطوطات، ومقتنيات التراث والآثار، التي تمثّل حصيلة وطنيّة جديرة بالإحياء، والمحافظة، والإزلاف بين أيدي الباحثين والمهتمّين. ومَن أحرى مِن جازان بذلك، وهي الموغلة في ماضيها وحاضرها، علمًا، وأدبًا، وتراثًا، وثقافة، وفنًّا؟
إن جازان- كما يعلم الجميع- هي من أعرق مناطق الجزيرة العربية في حراكها الفكريّ والثقافيّ، وتعدّ تاريخيًّا ثالثةَ ثلاثةِ مراكز، كان لها القِدْح المعلّى في ثقافة الجزيرة خلال القرون الإسلامية الوسيطة، هي: الحجاز، واليَمَن، وجازان. مع تميّز جازان بالانفتاح على المركزين الآخرين، إلى جانب اتصالها بأفريقيا، جنوبًا وشمالاً. ما منحها تنوّعَ المدارس العلميّة، وتعدّد المنابع المعرفيّة، وتوافر الألوان الأدبيّة والفنّيّة. وجازان في خصبها وغناها الثقافيِّ لا تقلّ عن جازان في خصبها وغناها في الأرض والتضاريس والطقس، جبالاً وأرياف، وتهائم وشواطئ. كلها اليوم تعزف نشيدًا وطنيًّا واحدًا، هو نفسه النشيد الممتدّ من الماء إلى الماء، ومن حقل إلى فَيْفاء، منبثًّا عبر النقوش والأحبار، والمأثورات والآثار، والرقصات الشعبيّة وأصوات الطبول والنايات.
ولئن كان ملتقانا الليلة معنيًّا بالشأن الثقافيّ، فما تغيب عن البال تطلّعاتُ جازان التنمويّةُ الكُبرى، زراعيةً وصناعية واستثمارية، فجازان ما تزال واعدةً، وأهلها ما يزالون موعودين بالخير العميم، لا لأبناء المنطقة فقط، ولكن لأبناء المملكة قاطبة. ولا شكّ أن تفعيل كثير من الأدوار لا يتمّ إلا عبر آليّات حكوميّةٍ أو أهليّةٍ وأخرى تعاونيّة. وفي منطقة شاسعة متراميةِ الأطراف كجازان تأتي فاعليّة اللجان المختلفة، المنوطِ بها العملُ على تقديمِ الحلولِ المناسبة أو اقتراحِها، وفي طليعة تلك اللجان (لجنة الأهالي)، بوصفها وسيلةً مهمّة في هذا المضمار، يتطلّع إليها المواطنُ بعين الثقة والتحفّز والأمل، كما يرنو إلى أن تكون تلك اللجان شاملة لقطاعات المنطقة المختلفة، تهاميّة وجبليّة، شاملةً مختلف القضايا التنمويّةِ والاجتماعيّةِ والثقافيةِ، وأن يتمّ تفعيلُها بشكل مستمرّ وبطريقة متوازنة، لتنهض بدورها في خدمة المنطقة وأهلها.
هذه جازان، سلّةُ الخبز، ومعدنُ الإنسان، ومصنعُ الفكر، ومستجمُّ الفنّان. هذه جازان لسانُ حالِها يغنّي، أرضًا وإنسانًا:
إِنِّي اسْتَفَقْتُ وفي كَفَّيَّ مَدْرَسَـةٌ
مَبْنِيَّـةٌ بِعُيُـونِ النُّـوْرِ تَنْتَظِرُ
إِنِّي اسْتَفَقْتُ وما أَلْقَى أَخِيْ وأَخِيْ
خَصْمَيْنِ في رَحِمٍ .. واللَّيْلُ مُعْتَكِرُ
إِنِّي رَأَيْتُ سَبِيْـلِيْ لاحِبًا أَمَـمًا
مُعَبَّـدَ الخَطْوِ لا تَنْبُوْ بِهِ العثَرُ
وقَدْ تَسَدَّتْ جِبالِيْ الشُّـمَّ فارِعَـةٌ
مِنْ دَوْحَةِ النُّوْرِ أَفْنَانِيْ بهَا زُهُرُ
فََشَعَّ عَهْدٌ وَلِيْــدٌ عـاصِفٌ عَـرِمٌ
أرساهُ مَنْ سَافَرَتْ في كَفِّهِ العُصُرُ
كالفجرِ ليلِيْ، وعَبْدُ اللهِ مشعلُهُ،
رَبُّ الحِوَارِ، ورَبُّ البِرِّ يَنْهَصِرُ
في كَفِّهِ صِنْوُهُ، سَيْفُ السُّيُوْفِ، إذا
سُلْطانُ زَمْجَرَ هَبُّ الجَيْشُ والنُّذُرُ
فَجْرٌ جَدِيْـدٌ، مُرِبٌّ، كُلُّـهُ لُغَةٌ
مِنَ التَّفَوُّقِ والإِقْـدَامِ، تَنْصَهـِرُ
يَرْنُـوْ إِلى أَسْطُرٍ أُخْرَى تُزَوْبِعُها
حُرِّيَّـةٌ سَـنَّها الإِسـلامُ والنَّظَرُ
تََرْمِيْ فِجَاجَ الرُّؤَى عَنْ كُلِّ قافِيَـةٍ
فَيَسْـتَهِلُّ قَصِيْـدٌ ثـائِرٌ خَطِرُ!
……………………………….....
………………………………...
جازانُ، يا لوحة الإبداع في وطني
بوركتِ ريفًا وشطآنًا وما تَزِرُ
هذا ابن ناصر جاء اليوم مُنْتَضِيًا
سؤاله الفذَّ: سلني كيف أنتصرُ؟
إِنَّ المَسَـافَةَ عُمْرٌ حِيْنَ تَذْرَعُـها
وهِمَّةُ الحُلْمِ تُدْنِيهَا وتَخْـتَـصِرُ!
د. عبدالله بن أحمد الفَيْفي
( عضو مجلس الشورى )
كلمة ملتقى المثقّفين والأكاديميين بمنطقة جازان
مساء الأربعاء 20 جمادى الأولى 1428هـ
|