بسم الله الرحمن الرحيم
عقيدة الإمام أبي حنيفة
- 150 هـ -
هذه طائفة من
أقوال الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى ... فيما يعتقده في مسائل
أصول الدين ...
مع بيان موقفه من علم الكلام :
أ -
أقوال الإمام
أبي حنيفة في التوحيد :
أولا : عقيدته في
توحيد الله وبيان التوسل الشرعي وإبطال التوسل البدعي :
1 - قال أبو حنيفة : ( لا ينبغي لاحد أن يدعو الله إلا به ، والدعاء المأذون فيه ،
المأمور به ، ما استفيد من قوله تعالى : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا
الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ) [ الدر المختار من حاشية المختار
6/396-397 ] .
(2) قال أبو حنيفة : ( يكره أن يقول الداعي : أسألك بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك
وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام ) [ شرح العقيدة الطحاوية 234، واتحاف السادة
المتقين 2/285 ، وشرح الفقه الأكبر للقاري 189 ] .
(3) وقال أبو حنيفة : ( لا ينبغي لأحد أن يدعوا الله إلا به ، وأكره أن يقول بمعاقد
العز من عرشك ، أو بحق خلقك ) . [ التوسل والوسيلة ص82 , وانظر شرح الفقه
الأكبرص198]
ثانيا : قوله في إثبات الصفات والرد على الجهمية :
(4) وقال : ( لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين ، وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا
كيف ، وهو قول أهل السنة والجماعة ، وهو يغضب ويرضى ، ولا يقال : غضبه عقوبته ،
ورضاه ثوابه ، ونصفه كما وصف نفسه ، أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ،
حي قادر سميع بصير عالم ، يد الله فوق ايديهم ، ليست كايدي خلقه ، ووجهه ليس كوجوه
خلقه ) [ الفقه الابسط 56 ] .
(5) وقال : ( وله يد ووجه ونفس ، كما ذكره الله تعالى في القرآن ، فما ذكره الله
تعالى في القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس ، فهو له صفات بلا كيف ، ولا يقال إن
يده قدرته أو نعمته ، لأن فيه إبطال الصفة ، وهو قول أهل القدر والاعتزال ) [ الفقه
الأكبر 302 ] .
(6) وقال : ( لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء ، بل يصفه بما وصف به نفسه ،
ولا يقول فيه برأيه شيئا تبارك الله وتعالى رب العالمين ) [ شرح الطحاوية 2/427 ،
جلاء العينين 368 ] .
(7) ولما سئل عن النزول الإلهي قال : ( ينزل بلا كيف ) [ عقيدة السلف أصحاب الحديث
42 ، الأسماء والصفات للبيهقي 456 ، شرح الطحاوية 245 ، شرح الفقه الأكبر للقاري 60
] .
(8) وقال أبو حنيفة : ( والله تعالى يدعى من أعلى لا من اسفل ، لأن الأسفل ليس من
وصف الربوبية والألوهية في شيء ) [ الفقه الابسط 51 ] .
(9) وقال : ( وهو يغضب ويرضى ، ولا يقال غضبه عقوبته ورضاه ثوابه ) [ الفقه الأبسط
56 ] .
(10) وقال : ( ولا يشبه شيئا من الاشياء من خلقه ، ولا يشبهه شيء من خلقه ، لم يزل
ولا يزال بأسمائه وصفاته ) [ الفقه الأكبر 301 ] .
(11) وقال : ( وصفاته بخلاف صفات المخلوقين ، يعلم لا كعلمنا ، ويقدر لا كقدرتنا ،
ويرى لا كرؤيتنا ، ويسمع لا كسمعنا ، ويتكلم لا ككلامنا ) [ الفقه الأكبر 302 ] .
(12) وقال : ( لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين ) [ الفقه الابسط 56 ] .
(13) وقال : ( من وصف الله بمعنى من معاني البشر ، فقد كفر ) [ العقيدة الطحاوية ]
.
(14) وقال : ( وصفاته الذاتية والفعلية ، أما الذاتية فالحياة والقدرة والعلم
والكلام والسمع والبصر والإرادة ، وأما الفعلية فالتخليق والترزيق والإنشاء
والإبداع والصنع وغير ذلك من صفات الفعل ، لم يزل ولا يزال بأسمائه وصفاته ) [
الفقه الأكبر 301 ] .
(15) وقال : ( ولم يزل فاعلا بفعله ، والفعل صفة في الأزل ، والفاعل هو الله تعالى
، والفعل صفة في الأزل ، والمفعول مخلوق ، وفعل الله تعالى غير مخلوق ) [ الفقه
الأكبر 301 ] .
(16) وقال : ( من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر ، وكذا من قال إنه
على العرش ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض ) [ الفقه الأبسط 46 ، ونقل نحو
هذا شيخ الإسلام في مجموع الفتاوي 48/5 ، وابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية
139 ، والذهبي في العلو 101 -102 ، وابن قدامة في العلو 116 ، وابن أبي العز في شرح
الطحاوية 301 ] .
(17) وقال للمرأة التي سألته أين إلهك الذي تعبده ؟ ، قال : ( إن الله سبحانه
وتعالى في السماء دون الأرض ) ، فقال له رجل : أرأيت قول الله تعالى { وهو معكم } ؟
قال : ( هو كما تكتب للرجل إني معك وأنت غائب عنه ) [ الأسماء والصفات 429 ] .
(18) وقال كذلك : ( يد الله فو أيديهم ، ليست كأيدي خلقه ) [ الفقه الأبسط 56 ] .
(19) وقال : ( إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض ) ، فقال له رجل : أرأيت
قول الله تعالى [ وهو معكم ] ؟ ، قال : ( هو كما تكتب لرجل إني معك ، وأنت غائب عنه
) [ الأسماء والصفات 2/170 ] .
(20) وقال : ( قد كان متكلما ولم يكن ، كلم موسى عليه السلام ) [ الفقه الأكبر 302
] .
(21) وقال : ( ومتكلما بكلامه ، والكلام صفة في الأزل ) [ الفقه الأكبر 301 ] .
(22) وقال : ( ويتكلم ، لا ككلامنا ) [ الفقه الأكبر 302 ] .
(23) وقال : ( وسمع موسى عليه السلام كلام الله تعالى ، كما قال الله تعالى { وكلم
موسى تكليما } ، وقد كان الله تعالى متكلما ولم يكن كلم موسى عليه السلام ) [ الفقه
الأكبر 302 ] .
(24) وقال : ( والقرآن كلام الله ، في المصاحف مكتوب ، وفي القلوب محفوظ ، وعلى
الألسن مقروء ، وعلى النبي صلى الله عليه وسلم أنزل ) [ الفقه الأكبر 301 ] .
(25) وقال : ( والقرآن غير مخلوق ) [ الفقه الأكبر 301 ] .
ب - أقوال الإمام
أبي حنيفة في القدر :
(1) جاء رجل إلى
الإمام أبي حنيفة يجادله في القدر ، فقال له : ( أما علمت أن الناظر في القدر
كالناظر في عيني الشمس ، كلما إزداد نظرا إزداد تحيرا ) [ قلائد عقود العقيان ق77ب
] .
(2) يقول الإمام أبو حنيفة : ( وكان الله تعالى عالما في الأزل بالاشياء قبل كونها
) [ الفقه الأكبر 302-303 ] .
(3) وقال : ( يعلم الله تعالى المعدوم في حالة عدمه معدوما ، ويعلم أنه كيف يكون
إذا أوجده ، ويعلم الله تعالى الموجود في حالة وجوده موجودا ، ويعلم كيف يكون فناؤه
) [ الفقه الأكبر 302 - 303 ] .
(4) يقول الإمام أبو حنيفة : ( وقدره في اللوح المحفوظ ) [ الفقه الأكبر 302 ] .
(5) وقال : ( ونقر بأن الله تعالى أمر بالقلم أن يكتب ، فقال القلم : ماذا أكتب يا
رب ؟ فقال الله تعالى : أكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ، لقوله تعالى : { وكل شيء
فعلوه في الزبر * وكل صغير وكبير مستطر } ) [ الوصية مع شرحها 21 ] .
(6) وقال الإمام أبو حنيفة : ( ولا يكون شيء في الدنيا ولا في الآخرة إلا بمشيئته )
[ الفقه الأكبر 302 ] .
(7) ويقول الإمام أبو حنيفة : ( خلق الله الأشياء لا من شيء ) [ الفقه الأكبر 302 ]
.
(8) وقال : ( وكان الله تعالى خالقا قبل ان يخلق ) [ الفقه الأكبر 304 ] .
(9) وقال : ( نقر بأن العبد مع اعماله وإقراره ومعرفته مخلوق ، فلما كان الفاعل
مخلوقا ، فأفعاله أولى أن تكون مخلوقة ) [ الوصية مع شرحها 14 ] .
(10) وقال : ( جميع أفعال العباد من الحركة والسكون : كسبهم ، والله تعالى خالقها ،
وهي كلها بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره ) [ الفقه الأكبر 303 ] .
(11) قال الإمام أبو حنيفة : ( وجميع أفعال العباد من الحركة والسكون كسبهم على
الحقيقة ، والله تعالى خلقها ، وهي كلها بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره ، والطاعات
كلها كانت واجبة بأمر الله تعالى وبمحبته وبرضاه وعلمه ومشيئته وقضائه وتقديره ،
والمعاصي كلها بعلمه وقضائه وتقديره ومشيئته ، لا بمحبته ولا برضاه ولا بأمره ) [
الفقه الأكبر 303 ] .
(12) وقال : ( خلق الله تعالى الخلق سليما من الكفر والإيمان ، ثم خاطبهم وأمرهم
ونهاهم ، فكفر من كفر بفعله وإنكاره وجحوده الحق بخذلان الله تعالى إياه ، وآمن من
أمن بفعله وإقراره وتصديقه بتوفيق الله تعالى ونصرته له ) [ الفقه الأكبر 302-303 ]
… والصواب : خلق الله تعالى الخلق على فطرة الإسلام ، كما سيبينه الإمام أبو حنيفة
في قوله الآتي .
(13) وقال : ( وأخرج ذرية آدم من صلبه على صور الذر ، فجعلهم عقلاء ، فخاطبهم
وأمرهم بالإيمان ، ونهاهم عن الكفر ، فأقروا له بالربوبية ، فكان ذلك منهم إيمانا ،
فهم يولدون على تلك الفطرة ، ومن كفر بعد ذلك فقد بدل وغير ، ومن آمن وصدق فقد ثبت
عليه وداوم ) [ الفقه الأكبر 302 ] .
(14) وقال : ( وهو الذي قدر الأشياء وقضاها ، ولا يكون في الدنيا ولا في الآخرة شيء
إلا بمشيئته وعلمه وقضائه وقدره ، وكتبه في اللوح المحفوظ ) [ الفقه الأكبر 302 ] .
(15) وقال : ( لم يجبر أحدا من خلقه على الكفر ولا على الإيمان ، ولكن خلقهم اشخاصا
، والإيمان والكفر فعل العباد ، ويعلم الله تعالى من يكفر في حال كفره ، فإذا آمن
بعد ذلك ، فإذا علمه مؤمنا أحبه من غير أن يتغير علمه ) [ الفقه الأكبر 303 ] .
ج - أقوال الإمام
أبي حنيفة في الإيمان :
(1) قال : (
والإيمان هو الإقرار والتصديق ) [ الفقه الأكبر 304 ] .
(2) وقال : ( الإيمان إقرار باللسان ، وتصديق بالجنان ، والإقرار وحده لا يكون
إيمانا ) [ كتاب الوصية مع شرحها 2] ، ونقله الطحاوي عن ابي حنيفة وصاحبه [ شرح
الطحاوية 306 ] .
(3) وقال أبو حنيفة : ( والإيمان لا يزيد ولا ينقص ) [ الوصية مع شرحها 3 ] .
قلت : قوله في عدم زيادة الإيمان ونقصانه ، وقوله في مسمى الإيمان ، وأنه تصديق
بالجنان وإقرار باللسان ، وأن العمل خارج عن حقيقة الإيمان … قوله هذا هو الفارق
بين عقيدة الإمام أبي حنيفة في الإيمان وبين عقيدة سائر أئمة الإسلام - مالك
والشافعي وأحمد وإسحاق والبخاري وغيرهم - والحق معهم ، وقول أبي حنيفة مجانب للصواب
، وهو مأجور في الحالين ، وقد ذكر ابن عبد البر وابن أبي العز ما يشعر أن أبا حنيفة
رجع عن قوله [ التمهيد لابن عبد البر 9/247 ، شرح الطحاوية 395 ] … والله أعلم .
د - أقوال الإمام
أبي حنيفة في الصحابة :
(1) قال الإمام
أبو حنيفة : ( ولا نذكر أحدا من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بخير )
[ الفقه الأكبر 304 ] .
(2) وقال : ( ولا نتبرأ من أحد من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا نوالي
أحدا دون أحد ) [ الفقه الأبسط 40 ] .
(3) ويقول : ( مقام أحدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة واحدة ، خير من عمل
أحدنا جميع عمره ، وإن طال ) [ مناقب أبي حنيفة للمكي 76 ] .
(4) وقال : ( ونقر بأن أفضل هذه الأمة بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : أبو بكر
الصديق ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضوان الله عليهم أجمعين ) [ الوصية مع شرحها 14 ] .
(5) وقال : ( افضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبو بكر وعمر وعثمان
وعلي ، ثم نكف عن جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بذكر جميل ) [ النور
اللامع ق119-ب ] .
هـ - نهيه عن
الكلام والخصومات في الدين :
(1) قال الإمام
أبو حنيفة : ( أصحاب الأهواء بالبصرة كثير ، ودخلتها عشرين مرة ونيفا ، وربما أقمت
بها سنة أو أكثر أو أقل ظانا أن علم الكلام أجل العلوم ) [ مناقب أبي حنيفة للكردي
137 ] .
(2) وقال : ( كنت أنظر في الكلام حتى بلغت مبلغا يشار إلي فيه بالأصابع ، وكنا نجلس
بالقرب من حلقة حماد بن أبي سليمان ، فجاءتني امرأة فقالت : رجل له امرأة أمة أراد
أن يطلقها للسنة كم يطلقها ؟ فلم أدر ما أقول ، فأمرتها أن تسأل حمادا ثم ترجع
فتخبرني ، فسألت حمادا ، فقال : يطلقها وهي طاهر من الحيض والجماع تطليقة ثم يتركها
حتى تحيض حيضتين فإذا اغتسلت فقد حلت للأزواج ، فرجعت فأخبرتني ، فقلت : لا حاجة لي
في الكلام ، وأخذت نعلي فجلست إلى حماد ) [ تاريخ بغداد 13/333 ] .
(3) وقال : ( لعن الله عمرو بن عبيد ، فإنه أحدث للناس الطريق إلى الكلام فيما لا
ينفعهم في الكلام ) [ ذم الكلام للهروي 28-31 ] .
(4) وقال حماد بن أبي حنيفة : ( دخل علي أبي رحمه الله يوما وعندي جماعة من أصحاب
الكلام ، ونحن نتناظر في باب ، قد علت أصواتنا ، فلما سمعت حسه في الدار خرجت إليه
، فقال لي: يا حماد من عندك ؟ قلت : فلان وفلان وفلان ، سميت من كان عندي ، قال :
وفيم انتم ؟ قلت : في باب كذا وكذا ، فقال لي : يا حماد دع الكلام ، قال ولم أعهد
أبي صاحب تخليط ولا ممن يأمر بالشيء ثم ينهي عنه ، فقلن له : يا أبت ألست كنت
تأمرني به ؟! قال : بلى يا بني وأنا اليوم أنهاك عنه ، قلت : ولم ذاك ؟! فقال : يا
بني إن هؤلاء المختلفين في ابواب من الكلام ممن ترى كانوا على قول واحد ودين واحد
حتى نزغ الشيطان بينهم فألقى بينهم العداوة والاختلاف فتباينوا … ) [ مناقب أبي
حنيفة للمكي 183-184 ] .
(5) وقال
أبو حنيفة لأبي يوسف : ( إياك أن تكلم العامة في أصول الدين من الكلام ، فإنهم قوم
يقلدونك فيشتغلون بذلك ) [ مناقب أبي حنيفة للمكي 373 ]
هذه طائفة من أقواله رحمه الله … وما يعتقده في مسائل أصول الدين ، وموقفه من
الكلام والمتكلمين .
-------------------
(كتاب / اعتقاد
أئمة السلف ) جمع / د ز محمد بن عبد الرحمن الخميس |