الرد على من
أنكر حجية أحاديث الآحاد في العقائد
قد أجمع
الصحابة رضي الله عنهم والتابعون لهم بإحسان , على قبول أخبار الآحاد
سواء كان ذلك في الأصول – أي المسائل الاعتقادية - أم الفروع ولم يخالف
منهم أحد (*)
قال شيخ
الإسلام أبو العباس أحمد بن تيمية الحراني الحنبلي رحمة الله رحمة واسعه
– وقد قسم الأخبار ألي متواتر و آحاد فقال بعد ذكر المتواتر -:
( و أما
القسم الثاني من الأخبار , فهو ما لا يرويه إلا الواحد العدل ونحوه , ولم
يتواتر لفظه ولا معناه , ولكن تلقته الأمة بالقبول عملا به , أو تصديقا
له , كخبر عمر بن الخطاب رضى الله عنه (( إنما الإعمال بالنيات )) ....
وأمثال ذلك , فهذا يفيد العلم اليقيني عند جماهير أمة محمد صلى الله عليه
وسلم من الأولين والآخرين . أما السلف فلم يكن بينهم في ذلك نزاع , وأما
الخلف فهذا مذهب الفقهاء الكبار من أصحاب الأئمة الأربعة ........) (1)
وقال
العلامة شمس الدين محمد بن أبي بكر الحنبلي المعروف بابن قيم الجوزية
رحمة الله .
( فهذا
الذي اعتمده نفاه العلم عن أخبار الرسول صلى الله علية وسلم (**)خرقوا به
إجماع الصحابة المعلوم بالضرورة , واجماع التابعين , واجماع أئمة الإسلام
, ووافقوا به المعتزلة , والجهمية , والرافضة والخوارج , الذين انتهكوا
هذه الحرمة وتبعهم بعض الأصوليين , والفقهاء , وألا فلا يعرف لهم سلف من
الائمه بذلك , بل صرح الأئمة بخلاف قولهم ) (2).
وقال
أيضا رحمة الله :
( فصل .
وأما المقام الثاني : وهو انعقاد الإجماع المعلوم المتيقن على قبول هذه
الأحاديث واثبات صفات الرب تعالى بها , فهذا آلا يشك فيه من له اقل خبرة
بالمنقول , فإن الصحابة هم الذين رووا هذه الأحاديث , وتلقاها بعضهم عن
بعض بالقبول ,ولم ينكرها أحد منهم على من رواها , ثم تلقاها عنهم جميع
التابعين من أولهم إلى أخرهم , ومن سمعها منهم تلقاها بالقبول والتصديق
لهم , ومن لم يسمعها منهم تلقاها عن التابعين كذلك , وكذلك تابع التابعين
من التابعين .
هذا أمر
يعلمه ضرورةً أهلُ الحديث , كما يعلمون عدالة الصحابة وصدقهم وأمانتهم
ذلك عن نبيهم صلى الله عليه وسلم.(3)
وقال
أبو المعالي الجويني في (( البرهان)) (1/389)
(
والمسلك الثاني مُستند إلى إجماع الصحابة وإجماعهم على العمل بالآحاد
منقول متواتراً ..... فإن أنكر منكر الإجماع , فسيأتي إثباته على منكريه
أول كتاب الإجماع إن شاء الله تعالى . فهذا هو المعتمد ُ في إثبات العلم
بخبر الواحد )أ.هـ
وأقول :
ونعم المعتمد هو .
ثم قال
( 1/393) :
( كان
مسلكُ الإجماع فإنا نعلم قطعا أن أصحاب رسول الله صلى الله علية وسلم
كانوا يعلمون في الوقائع بالأخبار التي ترويها الآحاد في جملة الصحابة ,
ولا نستريب أنه لو وقعت واقعة واعتاص مدرك حكمها , فروى الصديق رضى الله
عنه فيها خبرا عن الصادق المصدوق علية السلام , لا بتدروا العمل به ومن
ادعى أن جمله الأخبار التي استدل بها أصحاب رسول الله صلى الله علية وسلم
في أحكام الوقائع رواها أعداد فهذا باهت وعاند وخالف بالمعلوم الضروري
بخلافه ) أ. هـ
وقال
أبو الوليد الباحي المالكي في ( إحكام الفصول ) ص 334
( ذهب
القاساني وغيره من القدرية إلى انه لا يجوز العمل بخبر الآحاد .....
والذي علية سلف الأمة من الصحابة والتابعين والفقهاء , انه يجب العمل به
. والدليل على ذلك إجماع الصحابة على صحة العمل به ....)
ثم قال
ص 337 :
وعلى
ذلك كان التابعون لهم بإحسان رضى الله عنهم . قال الشافعي وغيره : وجدنا
على بن الحسين يعول على أخبار الآحاد وكذلك محمد بن على وجبير بن مطعم
ونافع بن جبير , وخارجه بن زيد وأبا سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار
وعطاء بن يسار , وكذلك كانت حال طاووس وعطاء ومجاهد .
وكان
سعيد بن المسيب يقول : اخبرني أبو سعيد الخدري عن البني صلى الله علية
وسلم في الصرف فيثبت حديثه .
ولا
يجور أن يكون في مسائل الشرع مسألة إجماع اثبت من هذه ولا ابين عن الخلف
أو السلف ) أ.هـ ,
كذلك
حكى الإجماع في مواضع أخر من كتابه ،وحكى الإجماع أيضا غير واحد من
العلماء والله اعلم.
-------------------------
(*) حكى
الإجماع الإمام بان عبد البر في مقدمة كتابه (( التمهيد )) وجمع أخر من
أهل العلم كما سيأتي
(**) أي
أخباره صلى الله عليه وسلم المنقولة بالآحاد
(***) أي
أحاديث الآحاد
(1)
مختصر (( الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة )) لابن القيم (2/372-373
)
(2) (المرجع
السابق 2/362 )
(3) (
المرجع السابق ( 2/433 )
|