إضرام النيران
ببعض ضلالات حسن بن فرحان
ا ا
2 ا
3
ا
4
انقلاب
المقاييس !!!
ثم ذكر
أن الاهتمام في العقائد يخل بالمهمة الكبرى وهي الاعتصام بحبل الله جميعاً
ثم ذكر كلاماً وقال : ( كانت خيراً لهم من التركيز على الجزئيات
والاختلافات اليسيرة ) .
أقول :
أولاً : هذا تناقض منه إذ كيف يريد اعتصام بحبل الله جميعاً مع قوم يعتقدون الكفر
البواح، ويتدينون بالزندقة الصراح، هذا لا يمكن لأن مقتضى الاعتصام بحبل
الله معاداة هؤلاء، وكشف ضلالهم، لأن هذا هو حقيقة الاعتصام، وهو اتباع
ماكان عليه السلف من الصحابة والتابعين الذين هم أهل السنة والجماعة وهم
الفرقة الناجية والطائفة المنصورة .
ثانياً
: جعله شأن العقائد جزئيات وخلافات يسيرة هذا فيه اتهام لجميع من سلف
وانهم اهتموا بما غيره أهم منه وكفى بذلك عاراً حتى إن هذا فيه اتهام
لأهل البدع الذين ينافح عنهم أترى السلف يكفرون بجزئيات وخلافات يسيره .
موازنة
باطلة
ثم قال
بعد كلام : ( هذه العقائد مع ما فيها من خير قليل كما أسلفت إلا أن فيها
باطل كثير ) .
أقول :
يقصد
بالعقائد أي كتب العقائد وهو يتكلم عن كتب أهل السنة أئمة السلف فأقول
اخسأ عدو الله فلن تعدو قدرك ووصفك لها بهذا الوصف للتنفير منها لن
يضيرها ولو تكلم مثلك الألف تلو الألف فالمطابع ودور النشر تدفع، والأكف
تستقبل كتب السلف ولها ترفع والإرجاف حولها بإذن الله لن ينفع وهو ولله
الحمد سلاح فاسد استخدمه قبله كثير فما أفلحوا .
المحدث
يكتشف !!!
ثم قال
واصفاً هذا الباطل المفترى : ( من الأحاديث المكذوبة المشككة للمسلم في
عقيدته ) .
أقول :
إن الذي
ينظر في كتب العقائد لدى أهل السنة والجماعة يجد أن استدلالهم بالأحاديث
الصحيحة فتكون عندهم أصول من الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة النبوية
أما الضعيف أو ما دونه ربما يورده بعضهم
استشهاداً لا اعتماداً أو يكون الحديث بنفسه صحيحاً فيسوقه بسنده
([1]) ويكون السند ضعيفاً أو نحو ذلك ولو وجه هذا القول لأهل البدع وخاصة
الرافضة وأضرابهم لكان قوله في محله كما ذكر الخليلي في الإرشاد([2]) مع
أن هذا الضال قوله لا يقبل لأنه ليس من أهل هذا الشأن بل بينه وبينه
مفاوز وبالمناسبة نذكر هنا قول الخطيب رحمه الله الذي يحسن إثباته هنا
قال:
"
وتنقسم الأحاديث المروية في الصفات أقساماً : منها أخبار ثابتة أجمع أئمة
النقل على صحتها لاستفاضتها وعدالة ناقليها فيجب قبولها والإيمان بها.
القسم الثاني أخبار ساقطة بأسانيد واهية وألفاظ شنيعة أجمع أهل العلم
بالنقل على بطولها فهذه لا يجوز الاشتغال بها ولا التعريج عليها .
القسم
الثالث أخبار اختلف أهل العلم في أحوال ناقليها فقبلها البعض دون الكل
فهذه يجب الاجتهاد والنظر فيها لتلحق بأهل القبول أو تجعل في حيز الفساد
والبطول " اهـ ([3]) . إذاً فأهل السنة لم يتركوا النظر في الأحاديث حتى
يأتي مثل هذا لينبههم أن في كتب عقائدهم مكذوبات .
مسألة
التكفير
ثم قال
: ( والتكفير للمسلمين ) .
أقول :
لم يكفر
أهل السنة والجماعة إلا عن قواعد شرعية وأصول مرعية
لا مجرد
هوى واتباع نفس والناظر في كتبهم يلمح هذا المعلم من أول نظرة ويرى أنهم
تحرزوا في هذا الجانب تحرزاً لم يتحرزه غيرهم .
قال شيخ
الإسلام : " فلهذا كان أهل العلم والأئمة لا يكفرون من خالفهم وإن كان
ذلك المخالف يكفرهم لأن الكفر حكم شرعي فليس للإنسان أن يعاقب بمثله كمن
كذب عليك وزنى بأهلك ليس لك أن تكذب عليه وتزني بأهله لأن الكذب والزنا
حرام لحق الله تعالى وكذلك التكفير حق الله فلا يكفر إلا من كفره الله
ورسوله " ([4]) .
وليعلم
أن السلف حينما أطلقوا التكفير على أحد لفقههم أنه لا يجوز إقرار الكافر
على أنه مسلم كما لا يجوز تكفير المسلم فإدخال المسلم في عداد الكفار لا
يجوز وكذا إدخال المرتد في عداد المسلمين لا يجوز إذ يترتب على ذلك
محاذير شرعية لا تخفى .
من
المتهم الحقيقي ؟
ثم قال
: ( وزرع بذور الشقاق والتباغض ) .
أقول :
يرى هذا
الجهول أن تحذير السلف من أهل البدع والضلال وبيان فساد عقائدهم والدعوة
إلى بغضهم والتباعد عنهم والنفرة منهم يرى أن ذلك بذور للشقاق والتباغض
وما علم أن هذه ليست في الحقيقة عيوباً إذ أنها مقتضى الولاء والبراء ؛
يريد من السلف أن يسووا بين الجعد وغيلان والجهم وأضرابهم من أهل الضلال
وبين أحمد ومالك والأوزاعي والبخاري وغيرهم من سادات العلماء ، لا يمكن
أن يجمع بين العلماء الأتقياء والمبتدعة الأشقياء . قال سبحانه : { أم
نجعل المتقين كالفجار } .
اعتذار
ولكن !
ثم ذكر
أنه يود التدليل على كلامه من كتب جميع الطوائف إلا أن ذلك تعذر لسعة
المادة وعدم توفر كتب الفرق الإسلامية .
أقول :
هكذا
يريد أن يتلاعب بمن يسمعه وما علم أنه بفعله هذا كالحمقاء التي غطت وجهها
بساتر فرجها بل هو أحمق . فأقول :
أولاً : كيف ينصب نفسه حكماً في مقام لم يطلع على أقوال أهله إذ أنه قد شكك بصدق
نقل أهل السنة أقوال منازعيهم ـ كما سيأتي ـ فهو بين أمرين إما أنه رأى
كتبهم فلماذا لم ينتقدها أو لم يرها فلماذا يحكم نفسه على شيء لم يره قال
تعالى : { وما شهدنا إلا بما علمنا } .
ثانياً
: كون المادة واسعة لا يعني هذا بحال أن يحكم بالجور ويقدح قدحاً مباشراً
في كتب السنة وينفر عنها .
ثالثاً
: لا يسلم له عدم توفر كتب الفرق الأخرى إذ أنه ذكر في نفس المحاضرة أن
كتب المعتزلة بدأت تطبع وتنشر وكذا كتب الرافضة والأشاعرة والجهمية
والإباضية وغيرهم متيسر الحصول عليها وهذا أمر يعرفه صغار طلبة العلم .
ما
يخفيه الجنان يبديه اللسان
ثم قال
: ( فسأحاول أن أخالف القاعدة وأحاول التركيز على النقد الذاتي هنا كما
قلت ألا وهو المذهب الذي انتمي إليه صادقاً وهو المذهب السني خاصة المذهب
الحنبلي ) .
أقول :
معلوم
أن مخالفة القاعدة يعتبر شذوذاً وله أسباب لعل من أبرزها عشق الشهرة
واللهث خلفها ودفع باهظ الثمن لأجلها وإن كان الثمن فعل السيئات ونشر
الضلالات وهو هنا يتساوره خوف الانكشاف وينتابه حذر ظهور الأمر إذ أنه
شعر أن الذي يسمع كلامه يعلم علم يقين أنه ليس من أهل السنة لمخالفته
الصريحة لمنهجهم مع خصومهم فضلاً عن التهجم على سلفهم بل يستظهر من كلامه
الرفض ( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ) والظواهر دليل على
البواطن (وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا
أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ ). وقال : ( فَلا
وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ
....) الآية . فاستدل بالظاهر على الباطن فلما ساوره هذا الشعور قال (
الذي أنتمي إليه صادقاً ) وإذا ملئت القلوب من ضروب دواعيها أظهرت الألسن
بطلان دعاويها ([5]) ، أيضاً كون المرء ينتمي لأهل السنة صادقاً أو كاذباً
لا يعني هذا أنه أعطي مؤشراً للسماح بالتهجم على سلفهم وعلى منهجهم ثم
إنه سلمت منه جميع الطوائف الضالة بل تعذر لهم ولم يسلم منه أهل الحق
الذي على حد زعمه ينتمي إليه صادقاً كذلك تعالوا فانظرو من الذي يريد أن
ينتقد كلام الأئمة ويقومهم ([6]) . لقد ارتقى مرتقى صعباً ووضع نفسه في
غير مكانها وأقامها في غير مقامها وهذا التجرؤ منه على كتب السلف سبقه
إليه تجرؤ من غيره كبعض من يسمون في هذا العصر دكاترة وغيرهم فتجد الواحد
منهم مثلاً يحقق كتاباً لأحد الأئمة فتجد التحقيق هزيلاً للغاية ثم مع
ذلك يحشوه بالتعقب على الأئمة سواء في تصحيح الأحاديث وتضعيفها أو غير
ذلك من المعارضات التي امتلأت بها الهوامش وهي في الحقيقة مهازل يحملها
التاريخ ويجعل أيضاً في المقدمة تعقباً على صاحب الكتاب وانتقاداً له مع
أنهم وعلمهم إذا قيس بعلم من ينتقدون يعتبر كبقل في أصول نخل طوال ([7])
، فما هذا التفلت من القيود العلمية والتجرؤ على سادات علماء أمة خير
البرية ؟!!
سقوط
على الأنف
ثم قال
: ( تركيزي على هذا النموذج فقط وهو كتب العقائد السنية مشاركة في تصحيح
أخطاء هذا المذهب فيه عدم مجاراة للآخرين في التركيز على الفرق الأخرى …
) .
أقول :
عدم
معرفة قدر النفس مصيبة فقبل قليل نصب نفسه حاكماً على كتب الأئمة ، والآن
صار مصححاً لأخطائهم ثم ما هي الأخطاء التي سيصحح وهل ستوزن بميزان أهل
العلم أم بميزان ضدهم ثم إذا قلنا له صدقت وسلمنا له قوله فما هو مقدارها
قياساً على كتب الفرق الأخرى ؟ ولو كان يريد الحق لبدأ بكتب أبعد الناس
عن الحق لا أن يتكلم ويدلع لسانه بلمز كتب الأئمة والتحذير منها، ثم لو
عقل لما نطق بهذا الهذيان ، وإذا كان يحذرنا من كتب السلف وأقوالهم مع ما
تَوَاتَر من عِلْمِهِمْ وعلو منزلتهم، فكلامه أولى أن يحذر وأجدر أن يرد
في وجهه .
أول
الكتب المؤلفة في العقيدة
ثم قال
: ( سأذكر نموذج من أول الكتب المؤلفة ... كتب الحنابلة المتقدمين وخاصة
كتاب السنة لعبد الله بن أحمد وكتاب ابن بطة وكتاب الحجة للأصبهاني وأصول
الاعتقاد للالكائي وغيرهم لكن كتاب الإمام عبدالله بن أحمد رحمه الله كان
من أول الكتب لأنه توفي عام 290 تقريباً كان من أوائل الكتب التي نقل
عنها من أتى بعده إلى أن وصل الأمر إلى عصرنا هذا ) .
أقول :
ألف أهل
السنة والجماعة مؤلفات في بيان عقيدتهم ودحض ضلال الفرق الضالة قبل عبد
الله بن الإمام أحمد ومعاصريه إذ أن في عصرهم زاد شر أهل البدع وكثر
شررهم وكان لدى السلف غيرة جياشة على عقيدتهم أحيت حركة التأليف ضد هذه
التيارات المنحرفة ولنقف على أوائل من ألف في ذلك العصر ليستبين صدق ما
تقدم وكذب مافاه به هذا الضال .
-
الإبانة لأبي الحسن الأشعري توفي عام324 القدر للفريابي توفي عام300 .
- كتاب
التوحيد لابن خزيمة توفي عام 311 .
- خلق
أفعال العباد للبخاري توفي عام 256 .
الرد
على الجهمية والنقض كلاهما للدارمي توفي عام280 .
التبصير
في معالم الدين لأبي جعفر بن جرير الطبري توفي عام310 .
الرد
على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد توفي عام241 .
الرد
على الجهمية لعبد الله الجعفي توفي عام229 .
الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية لابن قتيبة توفي عام276 .
الإيمان
لأبي عبيد القاسم بن سلام توفي عام224 .
فضائل
الصحابة للنسائي توفي عام303 .
السنة
لابن أبي عاصم توفي عام287 .
والسنة
للخلال توفي عام 211 .
فبهذا
يظهر أن حركة التأليف بدأت بداية قوية وجادة قبل ابن الإمام وفي عصره
ولكن هذا الاختيار لكتاب عبد الله خاصة والإشارة إلى كتاب الأصبهاني
واللالكائي لما حوته من المواضيع العقدية والنقولات السلفية المستفيضة
المؤصلة التي تعمي بشعاعها من به عمش وهي بمثابة النور
القوي
تجد بعض البعوض يهاجمه بقوة لإطفائه ولكن هيهات أن يجد إلى ذلك سبيلا !!!
كل شيء
في موضعه حسن عند العقلاء
ثم قال
: ( من المساوئ التكفير والتبديع والتضليل والتفسيق والشتم واللعن ) .
أقول :
إن وجود
عبارات التكفير أو التبديع ... في كتاب ما لا يعتبر عيباً إلا إذا كان
إطلاق ذلك بغير حق وقد تقدم أن في كتاب الله تكفير قوم وتبديع آخرين .
ولو صب هذا الكلام في كتب الرافضة وتكفيرهم للرعيل الأول وهم صحابة رسول
الله صلى الله عليه وسلم لكان في محله ولكن الرافضة لا ينتقدون بتكفيرهم
الصحابة ومن بعدهم والذي ملئت كتبهم به بلا حياء منهم وكذا الخوارج
والمعتزلة ...
أما أهل
السنة الذين اعتدلوا في هذا الجانب كما اعتدلوا في غيره فينتقدون فتكفير
الجهم الملحد وغيلان الضال ونحوهما جريمة !! أما تكفير الصحابة والتابعين
لهم بل أهل السنة أجمع فأمر يسير !!! .
الجهل
وإقامة الحجة وفهمها
ثم قال
الملبس المفتون : ( قد يرتكب المسلم مكفراً لكن لا يكفر حتى يسأل عن سبب
ارتكابه ذلك وتقام عليه الحجة ويفهم الحجة وتؤخذ منه الحجة ويصبر عليه
ويلتمس له العذر ما أمكن إلى ذلك سبيلا ) .
أقول :
يظهر من
قوله حتى يسأل عن سبب ارتكابه ذلك . أنه ليس هناك كفر إلا بالاعتقاد وهذا
مخالف لما جاء في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأجمع عليه
الأئمة . قال ابن حزم رحمه الله : " لم يختلف أهل العلم بأن في القرآن
التسمية بالكفر والحكم بالكفر قطعاً على من نطق بأقوال معروفه كقوله : {
لقـد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم }" ([8]).
قال أبو
ثور :
" لو قال المسيح هو الله وجحد أمر الإسلام وقال لم يعقد قلبي على
شيء من ذلك أنه كافر بإظهار ذلك وليس بمؤمن " ([9]) .
قال شيخ
الإسلام : " لا ريب أن الكفر متعلق بالرسالة فتكذيب الرسول كفر وبغضه
وسبه وعداوته مع العلم بصدقه في الباطن كفر عند الصحابة والتابعين لهم
بإحسان وأئمة العلم إلا الجهم ومن وافقه " ([10]) .
وقال :
" إن سب الله ورسوله كفر ظاهراً وباطناً سواءٌ كان الساب يعتقد أن ذلك
محرم أو كان مستحلاً له أو كان ذاهلاً عن اعتقاد وهذا مذهب الفقهاء وسائر
أهل السنة والقائلين بأن الإيمان قول وعمل " ([11]) . قال تعالى { لا
تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } .
قال شيخ
الإسلام : " فقد أخبر تعالى أنهم كفروا بعد إيمانهم مع قولهم إنا تكلمنا
بالكفر من غير اعتقاد له بل كنا نخوض ونلعب وبين أن الاستهزاء بآيات الله
كفر، ولا يكون هذا إلا ممن شرح صدره بهذا الكلام " ([12]) .
قال ابن
نجيم : " من تكلم بكلمة الكفر هازلاً أو لاعبا كفر عند الكل ولا اعتبار
باعتقاده " ([13]) .
وقال
ابن الوزير مندداً لمن خالف هذا القول
: وعلى هذا لا يكون شيئ من الأفعال
والأقوال كفراً إلا مع الاعتقاد حتى قتل الأنبياء ؛ والاعتقاد من السرائر
المحجوبة فلا يتحقق كفر كافر قط إلا بالنص الخاص في شخص شخص ([14]) .
قال
الشربيني : " الردة هي قطع الإسلام بنية أو قول أو فعل سواءٌ قاله
استهزاءً أو عناداً أو اعتقاداً " ([15]) .
وأما
مسألة إقامة الحجة التي جعل عدمها من موانع التكفير فيقصد بها كل شخص
ارتكب مكفراً نذهب إليه ونخبره أن هذا كفر ليس هو أول من خاض في هذه
المسألة الكبيرة بهذه الصفة المقتضبة، ولو أنه ما تكلم بهذا إلا هو لهان
الخطب وسهل المصاب؛ ولننقل هنا كلاماً للإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب
قال : " إن الذي لم تقم عليه الحجة هو الذي حديث عهد بالإسلام والذي نشأ
ببادية أو يكون ذلك في مسألة خفية مثل الصرف والعطف فلا يكفر حتى يعرف
وأما أصول الدين التي أوضحها الله في كتابه فإن حجة الله هي القرآن فمن
بلغه فقد بلغته الحجة " ([16]) .
وأما
فهم الحجة فقد قال الشيخ حمد بن معمر وليس المراد بقيام الحجة أن يفهمها
الإنسان فهماً جلياً كما يفهمها من هداه الله ووفقه وانقاد لأمره فإن
الكفار قد قامت عليهم حجة الله مع إخباره بأنه جعل على قلوبهم أكنة أن
يفقهوه ([17]) .
وقال
الشيخ ابن ابراهيم : " فإذا أوضحت له الحجة بالبيان الكافي كفر سواء فهم
أو قال ما فهمت أو فهم وأنكر " ([18]) .
وقال
الشيخ محمد بن عبد الوهاب : " وأصل الإشكال أنكم لم تفرقوا بين قيام
الحجة وفهم الحجة فإن أكثر الكفار والمنافقين لم يفهموا حجة الله مع
قيامها عليهم كما قال تعالى : { أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن
هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا }، وقيام الحجة وبلوغها نوع، وفهمهم
إياها نوع آخر، وكفرهم ببلوغها إياهم وإن لم يفهموها نوع آخر . فإن أشكل
عليكم ذلك فانظروا قوله صلى الله عليه وسلم في الخوارج :
" أينما
لقيتموهم فاقتلوهم " مع كونهم في عصر الصحابة ويحقر الإنسان عمل الصحابة
معهم وقد بلغتهم الحجة ولكن لم يفهموها " اهـ([19]) .
وكلام
أهل العلم في هذه المسائل طويل جداً تركته لضيق المقام وأما تؤخذ منه
الحجة ... فسفسطة لا يلتفت إليها ولا يعول عليها . فاتضح بما سبق أن أهل
العلم والتحقيق ينظرون بنظرين الأول : المرتكِب هل هو ممن يعذر بالجهل أم
لا ؟ والثاني : المرتَكَب هل هو يخفى على من هو على مثل حاله أم لا ؟
ذكر أبي
حنيفه في كتاب السنة
ثم نقل
بعض ما نقله الإمام عبدالله ابن الإمام أحمد عن السلف حول أبي حنيفه ثم
قال : ( وهذه موجودة في كتاب السنة وكتاب السنة معناه العقيدة يعني معنى
هذا أن عقيدتك ستكون ضعيفة إن لم تعتقد هذا ) .
أقول :
يقصد
بقوله كتاب السنة معناه العقيدة يقصد أن السنة معناها العقيدة فأقول قد
ذكر في مطلع هذيانه أن لفظة العقيدة لفظ مبتدع فلماذا هنا يعرف السنة به
؟ لِمَ لم يلتزم ما قاله ؟ هذا من ناحية ، وأيضاً من ناحية أخرى وهو أنه
قبل قليل يريد أن تلتمس الأعذار للمرتد الذي ارتكب ما يخرجه من الدين
وهنا يتناقض فيشن غارته الخاسرة على أحد الأئمة الأعلام مع أنه متخبط
والحق ليس معه بل مع من انتقده وهذا نابغ من سوء فهم وفساد تصور فتكلم
بما لا يحسنه ونطق بما لم يتقنه وقد قيل :
وكم من
عائب قولاً سليماً وآفته من الفهم السقيم
أما ذكر
أبي حنيفه في كتاب السنة ونقل كلام أهل العلم حوله . فأقول :
معلومة
إمامة أبي حنيفة وموضعه من الديانة لا يحتاج إلى نقل ناقل وإيراد الإمام
عبدالله له في كتاب السنة ليس من باب التنقص له والحط من قدره ولذلك
أفتتح المنقول بقول ابن مهدي رحمه الله : " من حسن علم الرجل أن ينظر في
رأي أبي حنيفة فهل بعد هذا يتهم هذا الإمام الجهبذ بتقصد التنقص لأبي
حنيفة ؟حاش لله !!! ولنذكر هنا بعض الأوجه التي ربما دعت عبد الله أن
يذكره هنا أو قل بعض الفوائد التي تستنتج من ذكره في هذا الكتاب فمنها :
1 ـ أن
لا يغتر العبد في أمور العقيدة فينزلق إذا علم أنه قد انزلق من هو أعلم
منه . هذا على القول بصحة ما نقل .
2 ـ
توضيح شدة السلف في جانب العقيدة فيتكلمون على من زل فيها وإن كان من كان
([20]) .
3 ـ أن
لأبي حنيفة أتباعاً فخوفاً عليهم من الاغترار بما نقل والتقليد نقل ذلك
ليعلموا أن له مخالفاً ومنتقداً .
4 ـ أن
يبين أن الخطأ في العقيدة عند الأئمة يقدح قدحاً مباشراً بصاحبه فلا
يتساهل به ([21]) .
5 ـ أن
لا يزاد في القدح في أبي حنيفة بما لم يقله وذلك بتركيب الأسانيد
الموضوعة .
6 ـ أنه
عرف عن الأحناف التعصب الزائد فخشي رحمه الله أن ينشروا ذلك عنه فيقبل
لمكانة قائله وتعظيم الأتباع له.
7 ـ أن
يقطع الطريق على من يأتي فيجعل خلافه قولاً آخر لأهل السنة إذ معلوم أن
أبا حنيفة منهم ، ثم أن عبد الله أسند هذه النقولات ومن أسند فقد سلم .
فهي فضيلة لكتاب السنة ومنقبة وليست بمنقصة كلا كلا !!!
أما هل
صح ذلك عن أبي حنيفة أم لا ؟ فهو في السيف الباتر الذي افتضح به النقيدان
وأما آخر كلامه فهو قول سيق في مساق التشنيع ولو اتبع هذا الأسلوب في
الأطروحات العلمية لما كتب أحد في موضوع فمثلاً يلزم كل من كتب في
العقيدة أن يذكر كل أمور العقيدة دقيقها وجليلها وإلا قيل له فالذي لم
تدخله مع تسميتك لكتابك العقيدة أنه ليس منها وكذا مثلاً من سمى كتابه
الزهد نلزمه أن يذكر جميع الزهد وإلا قيل له مالم تذكره ليس بزهد وهكذا
كل صنوف العلم ثم أن بعض أهل العلم يذكر في عقيدته المسح على الخفين
مشيرين إلى مخالفة الروافض فهل يقال إن من لم يذكره ناقص العقيدة .
الانتقاد لمن يوصي بكتب السلف
ثم قال
: ( طبعاً هذه خلافات سياسية نحن أدخلنا كتب العقائد وعلمناها أبناءنا في
الجامعات والمدارس لا الابتدائية يخفوها لكن الجامعات يوصون بكتاب السنة
كثيراً ) .
أقول :
مازال
يتهجم على كتب السلف وينتقد تصرفهم وأما كونهم يوصون في الجامعات بكتاب
السنة فهذا - إن صح - فهو من حسناتهم ...
ثم لماذا لا ينتقد من يوصي
بغير كتاب السنة من كتب الضلال فمثلاً كتاب مناهل العرفان الذي يقرر فيه
مؤلفه التفويض وينسبه للسلف يقرر في الجامعات ويدرس فيها وكذا تفسير
القرطبي الذي ملئ بمخالفة مذهب أهل السنة وغيرهما كثير ، بل هناك كتب تضم
طياتها الكفر والإلحاد لكن هذه
لا
يتكلم فيها لأنها ليست مقصوداً تشويهها .
تخطئته
للإمام ابن القيم رحمه الله
ثم خطأ
ابن القيم لقوله في نونيته :
لكن أخو
التعطيـل شر من أخ الإشـراك بالمـعقـول والبرهـان
وفي
قوله :
والمشركون أخـف في كفرانهم وكـلاهما من شعيــة الشيطان
وقد
أوضح من شرح النونية صواب ابن القيم رحمه الله وبعد نظره ودقة فهمه في
حكمه عليهم، وممن شرح النونية ابن عيسى وخليل هراس وكذا السعدي ([22]) ،
وهو هنا يصول ويجول لإطفاء هذه الأنوار اللامعة بنفخة أنفه فقبح من فعل
وقبح فاعله .
حقيقة
الكوثري وأبي غدة
ثم قال
: ( جئنا نحن وسببنا الذي سبهم كالكوثري وأبو غده رحمه الله ... أيضاً
قلنا فيهم بأنهم مبتدعة وأنهم كفار أبوغدة خاصة رحمه الله كان معنا هنا
وقد أذله بعض السفهاء مرة في معرض جامعة الملك سعود بصق عليه وكفره أمام
الناس هذا العالم الجليل . . . .ثم قال هذا الذي لعنه هو نتيجة الكتب
التي قرأها فنحن نوصي بهذه الكتب ليل نهار ) .
أقول :
أولاً :
جعله نفسه ساباً لهؤلاء هذا من الكذب المحض إذ هو يتمدح بهم ويرفع من
شأنهم.
ثانياً
: لابد من كشف حال من ذكر أما الكوثري فهو جهمي خبيث قد كفانا مؤنة بيان
ضلاله العلامة عبدالرحمن المعلمي رحمه الله في كتابه : التنكيل لما في
تأنيب الكوثري من الأباطيل وكذا بيَّن ضلاله الشيخ بكر بن عبدالله أبو
زيد ([23]) في بعض كتبه وبين تناقضه الجهبذ الغماري في بيان تلبيس
المفتري محمد زاهد الكوثري ووصفه ابن باز رحمه الله في تقديمه لكتاب
الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد بأنه المجرم الأثيم وقال الأفاك الأثيم
عليه من الله ما يستحق وأسأل الله سبحانه أن يكفي المسلمين شر أبي غدة
وأمثاله اهـ
وقد
تهجم الكوثري على أهل السنة وسلط عليهم لسانه البذيء خاصة شيخ الإسلام
وتلميذه ابن القيم ووصفهما بأبشع الأوصاف .
أما أبو
غدة الذي ترحم عليه وجعله عالماً جليلاً وتأسف أن يهان ووصف من اتبع
طريقة السلف بإهانته بالسفه فهو فريخ لذاك الرخمة الكوثري ، ولذا ركب
مركبه وذهب في الضلال مذهبه وقد كشفه الشيخ بكر ابن عبد الله أبو زيد في
كتابه براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمة وغيره وهو ضمن كتابه
الضخم الردود ، وقال لي بعض الإخوان إن الشيخ الألباني قد فضح أبو غدة
وشيخه الكوثري في مقدمته لشرح الطحاوية فنظرت إليه فإذا هو كما وصف حفظه
الله .
ثالثاً
: أن مما يبشر بخير أن يوجد مثل ذاك الشهم لقمع أهل البدع وفضحهم ولكن
السند لا يفرح به.
رابعاً
: هذا إن صح([24]) مما يجعلنا نزيد إن كان هناك مكانٌ للزيادة في الوصاية
بكتب سلفنا وتركيز النظر فيها وبثها بشكل مكثف يفرح به الصديق ويحزن منه
العدو .
خامساً
: وصفه لمن أهان أبا غدة بأنه سفيه فلا يستغرب أن يوصف بهذا الوصف من مثل
هذا ولكنه لا يضر إذا خرج من هذه الأفواه. وليقفز إلى البال وليدر في
الخيال صدر سورة البقرة .
تكرير
التخليط
ثم ذكر
: ( أن الأشاعرة سنة مثلنا ولكننا تربينا على المنهج السلفي وهم على
المنهج الأشعري ) .
أقول :
سبق
الرد عليه في تخليطه ولكن المقصود هو التنبيه على تماديه في تكرير
الأخطاء .
المحدث
يخبر بمواقع المكذوبات
ثم قال
الخطأ الثاني كثرة المكذوبات في كتب العقائد الآن يوصون بكتب العقائد
وكأنه قرآن بل بعضهم يقول عليك بكتاب كذا فلما تعود تجد الأحاديث الضعيفة
المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم .
أقول :
تقدم
الكلام عن الأحاديث في كتب العقائد وكلامه هنا من نسج التهويل والإرجاف
والتنفير من كتب السنة لشئ في صدره ما هو ببالغه بإذن الله ولو تمزق
فؤاده ذلك أن تهجمه عليها لا لذات الورق والمداد ولكن لأنها تكشف عورات
من به مرض وقد ذكر عدة أحاديث وصفها بالضعف وبعضها كما قال ضعيف ولكنها
ليست المستند عند أهل السنة وبعضها صحيح ولكن لجهله ظنها ضعيفة خذ مثلاً
حديث اختصام الملأ الأعلى وحديث الصورة أوردها ظناً منه أنها موضوعة
وربما أنه نظر في كتاب السنة فلمح قول المعلق على السنة إنه ضعيف وهو لا
يعرف صحيح الحديث من ضعيفه فبادر بطيش الفرح يعلن ضعفها مع أن حديث
اختصام الملأ الأعلى صحيح صححه الأئمة كالبخاري وغيره وقد أفرد في بيان
طرقه وتصحيحه شيخنا سليمان العلوان جزءاً سماه القول المبين وهو مطبوع
متداول، وكذا شرحه ابن رجب رحمه الله في جزء سماه اختيار الأولى وهو
مطبوع عدة مرات . وأما حديث الصورة فرواه مسلم في صحيحه . وهذا كاف في
الدلالة على تخبط ابن فرحان وخوضه فيما لا علم له به . ثم ليعلم أن
الحديث الضعيف نوع والمكذوب نوع آخر فلا يحسن أن يقال الضعيفة المكذوبة
إذ أن هذا وصف للضعيفة أنها مكذوبة .
ثم توجع من الوصاية بكتاب السنة
لابن الإمام أحمد .
أقول :
لن
يجديه التوجع فلو رآه أهل السنة يموت حزناً وكمداً لما تركوا كتب سلفهم
لنغمشة أمثاله بل كتب السلف تدفع بها المطابع ودور النشر وتتسابق إلى نشر
مالم ينشر وإعادة طبع مانفد منها فلا تكاد تنتهي إحدى الطبعات إلا والتي
تليها تنزل إلى الأسواق بل ربما نزل للمكتبات عدد من الطبعات في آن واحد
وهذا محض فضل الله وإلا فأصحابها قد ماتوا فليسوا هم وراء طبعها وبثها .
ولكن الله وضع لها القبول ويسر من يقوم بنشرها احتساباً فله الحمد وحده.
مهرج
أقحم نفسه في حلبة العلم !!!
ثم قال
: ( البعض يقول هذه الكتب القديمة . أيضاً الكتب الحديثة فالدارمي ...) .
أقول :
هذا
مهرج وجد من يصغون إليه فبدأ يلعب بهم بهذا الهذيان الذي استساغ النطق به
لما علم من أمامه؛ ألا يستحيي أن ينطق بهذا القول الهابط ؟ ألا يعقل ما
يقول ، فالإمام الدارمي مات رحمه الله قبل ابن الإمام أحمد بعشر سنين فقد
مات الدارمي رحمه الله سنة 280 وعبدالله بن أحمد مات رحمه الله سنة 290 ،
فكيف يصور أن كتاب ابن الإمام أحمد قديم وهذا حديث والدارمي مات قبله ؟
والجهل يجر إلى صاحبه القبائح ويضفي عليه الفضائح .
انتقاده
لشيخ الإسلام
ثم
انتقد شيخ الإسلام ابن تيمية لوصايته بكتاب السنة لابن أحمد وكتاب
البربهاري وغيرهما من الكتب .
أقول :
هو مع
اتساع جهله لا يحقر نفسه أبداً فهو كبعض ... إذا انكسرت رجله تأذى منه كل
من مر به ، ثم إذا كانت هذه من أخطاء شيخ الإسلام فهو خطأ اشتركنا معه
فيه ؛ إذا كان شيخ الإسلام مثلا يوصي بكتاب السنة للبربهاري فإننا نوصي
بحفظه وقد حفظه عندنا كثير ولله الحمد ثم شيخ الإسلام ذاك العلم الشامخ
يأتي مثل هذا يتعقبه إن هذا لشيء عجاب وأعجب منه أنه عار على صاحبه ؛ نحن
لانقول شيخ الإسلام معصوم ولكنه هنا لم يخطئ بل هو دائر على الصواب وقد
قيل :
وابن
اللبون إذا مالزفي قــرن لم يستطع صولة البزل القناعيس
كلام
سخيف !!!
ثم قال
: ( التعصب الحنبلي لبني أمية موجود في بعض الكتب ) .
أقول :
هذا
كلام سخيف يقال لصاحبه أسند في أي كتاب وجد حتى نتحاكم إليه أما إطلاق
العبارت بلا مستند فهذا لا يعجز عنه أحد .
المحدث
الجديد يستخرج خطأ أهل الحديث في الجرح والتعديل
ثم قال
: ( تأثير العقائد على الجرح والتعديل المشكلة أن العقائد أصحاب العقائد
أصبحوا يوثقون أصحابهم ويضعفون رجال الفرق الأخرى فأصبح يضعف كل الشيعة
وكل المتوقفين في خلق القرآن وكل القائلين بخلق القرآن وما أشبه ذلك ) .
أقول :
أولاً : مسألة الرواية عن أهل البدع رداً وقبولاً مسألة للعلماء فيها قول مبسوط
ليس هذا موضعه ينظر على سبيل المثال شرح علل الترمذي لابن رجب، فكلام هذا
الأرعن بهذا الاقتضاب إما جهل أو سوء قصد أو همّا معا .
ثانياً
: التضعيف لكل الرافضة وليس لكل الشيعة وتضعيف الرافضة منهج رضيه السلف
لأنهم جربوا عليهم الكذب كما قاله يزيد بن هارون ([25]) وغيره ([26])
وكما أقر كثير منهم بهذا وهذا الأمر ليس سراً بل هو مشهور لدى القريب
والبعيد .
ثالثاً
: الخوض في غمار هذه البحار لمن لا يحسن السباحة في الطست
لا يحسن
كيف ، وقد قال الحازمي : " علم الحديث يشتمل على أنواع كثيرة تقرب من
مائة نوع ... وكل نوع منها علم مستقل لو أنفذ الطالب فيه عمره لما أدرك
نهايته " اهـ ([27]) .
ولذلك
للجرح والتعديل قواعد وأصول وقد يعدل الرجل في بعض شيوخه ويضعف في بعض
وقد يعدل في زمن ويضعف في آخر وقد يعدل في مكان ويضعف في غيره وهكذا وليس
الأمر كما ذكر هذا المتمعلم ويدل على جهله ما بعد هذا .
كذب
وسوء فهم
قال : (
إلى أن وصل الأمر لتضعيف البخاري ومسلم ضعفهما أبو زرعة وأبو حاتم ...
فتركه أبو حاتم وأبو زرعة واستولى على تاريخه الكبير وأخرجاه في كتاب
الجرح والتعديل بترتيب ابن أبي حاتم ) .
أقول :
أما
كلام أبي زرعة في البخاري فقال حينما سأله محمد بن حرب عن محمد بن حميد
قال تركه أبو عبدالله -يعني البخاري- قال محمد بن حرب فذكرت ذلك للبخاري
فقال بره لنا قديم .
وقال
أيضاً : أعلم من دخل العراق ، وقال أيضاً يدخل عليكم رجل من خراسان لم
يخرج منها أحفظ منه فقدم البخاري بعد شهر ، ولم يحفظ عنه جرح في البخاري
وقد سمع منه أبو حاتم ورضيه ولم ينقل عنه أنه جرحه .
وأما
مسلم فقد قال أحمد بن سلمة : " رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن
الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما ([28])، ولم أر لهما جرحاً فيه
والبينة على من ادعى .
ويتضح
جهله تماماً بهذا العلم الشريف وذلك لأن منطوق كلامه أن الترك والتضعيف
متلازمان فحينما قيل له أو قرأ أن أبا حاتم وأبا زرعة تركا البخاري ظن
بجهله أنه تضعيف له وهذا الفهم لا يستغرب من مثله فأوضح الأمر قائلاً : "
قال ابن أبي حاتم سمع منه ـ أي البخاري ـ أبي وأبو زرعة ثم تركا حديثه
عندما كتب إليهما محمد بن يحيى أنه أظهر عندهم أن لفظه بالقرآن مخلوق "
اهـ .
قلت :
قد بينت في السيف الباتر قصة البخاري مع الذهلي وجور الذهلي على البخاري
، وهنا أقول أن الحمل إذاً على الذهلي ثم الترك الذي يعتبره تضعيفاً هنا
لا يقتضي التضعيف عند أهل هذا الفن إذ أن هناك فرقاً بين قولهم تركوا
حديثه أو متروك الحديث وبين ترك الحديث من شخص لغرض معلوم لا يقتضي
التضعيف وإليك البرهان .
سأل عبد
الله ابن أحمد الإمام يحي بن معين عن حال إبراهيم بن خالد الصنعاني فقال
: " كان صديقاً لي وكان ثقة وما كتبت عنه " ([29]) . فهل يدل ترك يحي
الكتابة عن إبراهيم تضعيفه فيصبح هناك تناقض في كلام واحد من ابن معين أم
جهل هذا القائل ؟ لا شك أنها الأخرى !!!
وأيضاً
: قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله : " قولهم تركه شعبة معناه أنه لم
يرو عنه وترك الرواية قد يكون لشبهة لا توجب الجرح وهذا معروف في غير
واحد قد خرج له في الصحيح " ([30]) .
ويدل
على قول الشيخ ما قا له ابن المديني في الزبير بن الخريت البصري لم يرو
عنه شعبة وتركه وهو صالح " ([31]) .
قال ابن
حجر : " ثم قرأت بخط الذهبي قول ابن المديني كان ابن جريج وقيس بن سعد
تركا عطاء بآخره ولم يعن الترك الاصطلاحي بل عني أنهما بطلا الكتابة عنه
وهو ثبت رضي حجة إمام كبير الشأن " ([32]) .
وأما
أنهما استوليا على كتابه التاريخ الكبير فهذا لا يخرج من بين أمرين إما
أنه لا يعرف من التاريخ الكبير ولا الجرح والتعديل إلا الأسماء فقط ولم
يرهما قط أو أنه كذاب مفتري فالذي ينظر فيهما يجد أن هناك فرق شاسع ولو
قال إنهما سارا على نمطه لكان وقد تكلم على هذه المسألة المعلمي في تقدمة
الجرح والتعديل .
--------------------------------
([1]) أي بسند صاحب الكتاب
.
([2]) الإرشاد ص106 . قال
ابن القيم قال الحافظ أبو يعلى الخليلي في كتاب الإرشاد وضعت الرافضة في
فضائل علي رضي الله عنه وأهل بيته نحو ثلاثمائة ألف حديث . ولا تستبعد
هذا فإنك لو تتبعت ما عندهم من ذلك لوجدت الأمر كما قال [ المنار المنيف
ص216] .
([3]) نقله الألباني في
مختصر العلوص48 عن مخطوطة لم تطبع بعد وهي جواب عن سؤال بعض أهل دمشق .
([4]) الرد على البكري ص257
.
وإن
لسان المرء ما لم تكن له (1) حصـــاة على عوراته لدليــل
الحصاة
: العقل .
ولــو
أنـي بليت بهاشمــي خـؤولته بنو عبد المــــدان
لهان
على ما ألقى ولكــــن تعالوا فانظروا بمن ابتــــلاني
([7]) ينظر موضح أوهام
الجمع والتفريق للخطيب 1/5 .
([8]) المحلى 13/498 ،
الفصل 3/259-262 .
([9]) شرح أصول معتقد أهل
السنة 4/849 .
([10]) منهاج السنة 5/215 .
([11]) الصارم المسلول .
([12]) الفتاوى 7/220 .
([13]) البحر الرائق 5/134
.
([14]) إيثار الحق على
الخلق ص419 .
([15]) نهاية المحتاج
للرملي 7/413 .
([16]) مجموعة الشيخ 3/11ـ
الدرر السنيه 8/244 وينظر فتاوى شيخ الإسلام 4/54 ومجموع فتاوى و مقالات
متنوعه لابن باز رحمه الله 4/26 ـ 27 وكشف الشبهتين لابن سحمان رحمه الله
صـ64 وما بعدها .
([17]) مجموع الرسائل
والمسائل النجدية 4/638 .
([18]) فتاوى ابن إبراهيم
1/74 .
([19]) مجموعة الشيخ
13/12-13 وهو في الدرر ، الطبعة الأخيرة 10/93-94 .
([20]) ولعل هذا يبين صحة
ما نهجته في فضح بدعة قال بها بعض أهل عصرنا ويوضح الأمر لطالب الحق أما
المماحل فلا حيلة فيه !!!
([21]) والذي يخبر حال بعض
الدعاة - هداهم الله - يرى نقضهم لهذه الطريقة بل واستهجانهم لها . فالله
المستعان !!!
([22]) المجموعة الكاملة
3/420-421 وهو كلام نفيس .
([23]) يمكن أن تبنى
للعلمية .
([24]) قولي إن صح لأن في
السند متهماً وهو المتكلم حسن بن فرحان المالكي هداه الله أو ...
([25]) شرح علل الترمذي .
([26]) الإبانة لابن بطة
545 .
([27]) عجالة المبتدي
وفضالة المنتهى ص3 .
([28]) تاريخ دمشق لابن
عساكر 16/470 ، والسير 12/563 .
([29]) كما في الثقات .
([30]) الفتاوى 24/349 .
([31]) تهذيب التهذيب .
([32]) تهذيب التهذيب في
ترجمة عطاء بن أبي رباح وكلام الذهبي في الميزان .
انتهى
القسم الثالث
التالي>>> |