رد
افتراء منصور النقيدان على ابن تيمية
إذا
سقط الإنسان من الداخل تعتريه النوازع المرضية ويشك في كل شيء، في نفسه،
وأهله، وأصحابه، وفي كل شيء حوله، والإنسان المريض - مثل منصور النقيدان
- إنسان متسمم من كل شيء، ويريد أن يسمم كل شيء . .
من الأعراض المرضية الظاهرة عند منصور النقيدان - شفاه الله - محاولة
إلصاق نفسه بالعظماء، لأنه يحاول أن يعتقد أنه واحد منهم بالأصالة، وأن
المجتمع هو الذي خذله، وإلا فهو إنسان عظيم في مصاف العظماء مثل :
نابليون، ورومل، وتشرشل، وهتلر . .
منصور يعترف أنه مريض بالقلق والاضطراب المزمن، ولا يمكنه أنه يتنصل من
ذلك! لأن أقرب الناس وأبعد الناس يعرف أنه مريض نفسيا، ولأجل أن يبرر
مرضه النفسي قفز إلى قائمة العظماء ليبين للناس جميعا أن كل عظيم - مثل
منصور - لا بد أن يكون مريضا نفسيا، ومن لا يكون مريضا نفسيا لا يكون
عظيما! إذن فمنصور النقيدان من العظماء .
ومن هؤلاء العظماء المرضى - كما يعتقد منصور العظيم - : ابن تيمية،
ومارتن لوثر، والغزالي، وبقية قائمة العظماء، بما فيهم منصور النقيدان
خاتمة العظماء ونهاية المشاهير.
وإذا كان العظيم منصور النقيدان مريضا بالقلق؛ فإنه بلا تردد مريض أيضا
بالكذب والتدليس والافتراء القبيح، وقد وقع هنا في كذبتين وتدليسين
مرضيين:
الأولى: محاولة إلصاق نفسه بعالم كبير وعلم من أعلام الأمة كابن تيمية.
الثانية: محاولة التلبيس والتدليس والكذب على مقام ابن تيمية واتهامه
بأمور شائنة وعظيمة هو بريء منها.
ففي مقابلة في الوسطية مع المفكر العظيم والمبدع الأكبر منصور النقيدان
من خلال برنامج شعبي بعنوان ( اضحك مع النقيدان ) ذَكَر منصور المعظم -
أرجو أن أكون وفقت في إشباع نفسية منصور - في مقدمة الحوار كلاما باطلاً
عن ابن تيمية يدل على مرض هذا الرجل.
فحينما قرر أنه مريض بالقلق نسب نفس مرضه إلى ابن تيمية ونسب إليه أيضا
أمورا قادحة في اعتقاده .
فقال ما نصه : ( وابن تيمية نفسه من الشخصيات القلقة التي عرفها تراثنا
الفكري والديني، فما يذكره ابن قيم الجوزية في مدارج السالكين في باب
الفراسة، من الأحوال التي كانت تعرض لشيخه، والتعب الذي كان يلزمه أحياناً
الفراش، ويفسره ابن تيمية بأنه:"من تسلط الأرواح الخبيثة"، ويوافقه
تلميذه ابن القيم على هذا ليس إلا آثار ومظاهر أزمة روحية كانت تلم به ).
ثم يبين حقيقة الأزمة الروحية عند ابن تيمية وابن القيم فيقول : ( إنها
تنم عن زيغ باطن، وشك، وعدم وثوق بالمسلمات والثوابت الدينية، دعى ابن
تيمية إلى إقناع أتباعه بأنها عوارض مرض روحاني مصدره تسلط الشياطين ).
ثم يفسر حالة ابن تيمية هذه بما لي :
(وحسب اعتقادي أن ابن تيمية فيما يذكره ابن القيم عنه أحد شخصين: إما أنه
حقاً كان يعاني تلك الحال بين فترة وأخرى حتى تلزمه الفراش، ولكنه وهو
العالم أن الإفصاح عن ذلك أمر محرم، فكان يتظاهر بأنها من تسلط الشياطين،
وهذا ما لا يستسيغه عاقل، فنحن نعلم أن تسلط الشياطين-وليس الجن- على
المسلم هو أحد اثنين إما بالوسوسة، وهذا النوع من الوساوس وتسلط الشياطين
يعرض لكل أحد، ولا يصل بالمسلم إلى أن يلزم الفراش من المرض، مالم يبلغ
به الحال إلى حد الأزمة. الأمر الثاني أن يكون تسلط الرواح الخبيثة
المقصود به تلبس الإنسي بالجني، وقد ذكر بعض خصوم ابن تيمية أنه كان
يعاني من الصرع. وهناك احتمال ثالث وهوأن تكون تلك الأحوال مما يمكن أن
نسميه بلزوم "البريستيج"، و"الغموض" )
مما تقدم يتبين للقارئ أن منصور النقيدان وانطلاقا من نص مدارج السالكين
الذي نسبه إلى باب الفراسة يرى أن ابن ابن تيمية يشكو من مرض القلق وهذا
المرض لا يتعدى ثلاث حالات : [الأولى] أن ابن تيمية مصاب بمرض القلق
والشك في الاعتقاد، وأن ظاهرة الأرواح الخبيثة التي يتحدث عنها إنما تنم
عن زيغ باطن، وشك، وعدم وثوق بالمسَلَّمات والثوابت الدينية، دعى ابن
تيمية إلى إقناع أتباعه بأنها عوارض مرض روحاني مصدره تسلط الشياطين .
وهذا الاحتمال ظاهر أن منصور النقيدان يرجحه من كلامه، وهو محل الشاهد
الذي ساق الكلام لأجله، وإلا فاستشهاده بالنص على غير هذا الاحتمال عنده:
ضرب من العبث والحشو. [ الثانية] أن الأرواح الخبيثة التي يعاني منها ابن
تيمية ليست سوى أعراض للصرع، لتلبسه جني يصرعه! [ الثالثة] أن ابن تيمية
يكذب ويدلس على الناس وخاصة تلاميذه ويتظاهر بهذه المظاهر من باب الغموض،
أو كما يقول المثقف "اللاتيني" منصور النقيدان : ابن تيمية عنده منهجية
لزوم"البريستيج" ( حلو يا عنز بدو).
وعلى أي احتمال كان الكلام فإن منصور النقيدان يقوم وهو لا يدري بتشخيص
نفسه الآن، ومن دون وعي وإدراك، يقوم بتخيل ابن تيمية تلك المخيلة التي
ترمي عليه بقميص منصور النقيدان، ثم يقوم النقيدان بتشخيصها بكل أمانة،
لنصل في النهاية أن حالة منصور هي كما يقول بنفسه : ( تنم عن زيغ باطن،
وشك، وعدم وثوق بالمسلمات والثوابت الدينية، وعارض الأزمة الروحية التي
تعتري الإنسان، وخصوصاً في بداية طريقه إلى المعرفة الدينية والسلوك
الروحي تكون عاصفة شديدة مزلزلة، تبدو أعراضها على الإنسان مشبهة إلى حد
كبير مايعتبره الناس عندنا" ضيقة صدر، أو نفس، أو عين...إلخ.."، وهي
تلازم الإنسان حتى يحسم الأمر، فإما أن يصل إلى حل توفيقي بتجربة ذاتية
بحتة قائمة على التأمل والفكرة، مصحوبة بشغف يصل حد الهوس لايعرف التوقف
في البحث والقراءة والاطلاع حتى يطمئن قلبه، أو يتخلى كلياً عن ذلك
الطريق ليصل إلى حالة من التبلد واللامبالاة ).
فهل هذه هي حالة منصور النقيدان؟ ففي بداية أمره كان عنده زيغ باطن، وشك،
وعدم وثوق بالمسلمات والثوابت الدينية، ثم عاش حالة صراع ُمريع لم تنتهي
إلى حل توفيقي بل إلى تبلد وعدم مبالاة بالثوابت والإيمانيات إلى الحد
الذي جعله يستسهل المباهلة الشرعية ليدخل في مباهلة مع علي العميم من أجل
ماذا؟ لإثبات عدم جمال العاهرة " ديمي مور" !
النقيدان يكشف نفسه دائما ليس لأنه شجاعا وصريحا، بل لأنه متهور وسفيه لا
يعرف عواقب كلامه، وهذا دليل على حالة التبلد واللامبالاة.
نعود لأصل الكلام: وهو كذب النقيدان على ابن تيمية، وكم كذب وافترى
النقيدان على خلق الله، وماذا نرجو من إنسان تائه يفتري ويكذب تبعا لحالة
التبلد واللامبالاة؟
منصور النقيدان يتحدث عن ابن تيمية كالتالي :
- لديه أحوال تعرض عليه تلزمه الفراش، فالأحوال هي التي تلزمه الفراش،
وهي السبب في ذلك.
- يطلق منصور النقيدان على هذه الحالة التي تتسبب في إلزام ابن تيمية
فراشه بـ : " تسلط الأرواح الخبيثة"، وأن هذه ليست إلا آثار ومظاهر أزمة
روحية كانت تلم بابن تيمية .
- هذه الأزمة الروحية عند ابن تيمية - كما يقول منصور النقيدان - زيغ
باطن، وشك، وعدم وثوق بالمسلمات، والثوابت الدينية، ويرفض النقيدان
تغطيتها بمسميات غير حقيقية كالأزمة الروحية، ويرى أن ذلك من تخطيط ابن
تيمية الذي أراد إقناع أتباعه بأنها عوارض مرض روحاني مصدره تسلط
الشياطين.
هذا هو ما يريد أن يصل إليه منصور النقيدان كي يثبت أنه ليس وحيدا في
مرضه وزيغه وشكه، لكنه نسي، أو ربما جهل أن حبل الكذب قصير.
وهذا الخطاب موجه بالدرجة الأولى للقارئ العادي الذي يريد أن يعرف حقيقة
ما ينسبه منصور لعلم كبير كابن تيمية، ولنبين له أن منصور رجل سوء يكذب
ويتحرى الكذب، ويتهم دون خجل ببرودة وتبلد إحساس وعدم مبالاة .
ولبيان الحقيقة نقول :
[أولا] يقول منصور: (فما يذكره ابن قيم الجوزية في مدارج السالكين في باب
الفراسة ).
الجواب : لا.. ويقولون حافظتك قوية (!) وأن كتاب مدارج السالكين من الكتب
التي أتقنتها وحفظت أجزاءً منها (!!) مالت عليك وعلى حافظتك المتبلدة.
النص الأصلي الذي اعتمد عليه منصور النقيدان ليكذب ويدلس فيه هو في كتاب:
مدارج السالكين ، فصل : ( ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة
السكينة ) وليس باب الفراسة.
# مدارج السالكين - ابن قيم الجوزية ( 2/502 - 504) ، تحقيق : محمد حامد
الفقي / الطبعة الثانية - 1393هـ ، دار الكتاب العربي ، بيروت - لبنان .
# مدارج السالكين - ابن قيم الجوزية ( 2/524 -525) ، الطبعة الثانية -
1408هـ ، دار الكتب العلمية ، بيروت - لبنان .
# مدارج السالكين - ابن قيم الجوزية (3/391-392)، تحقيق : عبد العزيز بن
ناصر الجليل/ الطبعة الأولى - 1423 هـ ، دار طيبة بالرياض. فهذا أول
تصحيح لك .
[ ثانيا ] لكي يتضح كذبك القبيح على ابن تيمية سوف أنقل للقارئ العاقل
النص بتمامه ليعرف أن كلامك لم يكن سوى تشخيص لحالتك يا منصور.
النص كاملا :
فصل : ( ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة السكينة هذه المنزلة من
منازل المواهب لا من منازل المكاسب وقد ذكر الله سبحانه السكينة في كتابه
في ستة مواضع :
الأولى : قوله تعالى : ( وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت
فيه سكينة من ربكم) البقرة : 248 .
الثاني قوله تعالى: ( ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين)
التوبة : 26
الثالث : ( قوله تعالى إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله
سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها ) التوبة : 40
الرابع : قوله تعالى (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا
إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السموات والأرض وكان الله عليما حكيما )
الفتح : 4
الخامس : قوله تعالى : (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة
فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ) الفتح : 18
السادس : قوله تعالى : (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية
الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) الفتح : الآية : 26
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور : قرأ آيات
السكينة .
وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له فى مرضه تعجز العقول عن حملها: من
محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك: في حال ضعف القوة، قال: فلما اشتد
عليَّ الأمر قلت لأقاربي ومن حولي: اقرأوا آيات السكينة، قال: ثم أقلع
عني ذلك الحال، وجلست وما بي قَلَبَة. وقد جربت أنا أيضا قراءة هذه
الآيات عند اضطراب القلب مما يرد عليه، فرأيت لها تأثيرا عظيما في سكونه
وطمأنينته.
وأصل السكينة هي الطمأنينة والوقار والسكون الذي ينزله الله في قلب عبده
عند اضطرابه من شدة المخاوف، فلا ينزعج بعد ذلك لما يرد عليه ويوجب له
زيادة الإيمان وقوة اليقين والثبات، ولهذا أخبر سبحانه عن إنزالها على
رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين في مواضع القلق والاضطراب، كيوم
الهجرة إذ هو وصاحبه في الغار والعدو فوق رءوسهم لو نظر أحدهم إلى ما تحت
قدميه لرآهما، وكيوم حنين حين ولوا مدبرين من شدة بأس الكفار لا يلوي أحد
منهم على أحد، وكيوم الحديبية حين اضطربت قلوبهم من تحكم الكفار عليهم
ودخولهم تحت شروطهم التي لا تحملها النفوس، وحسبك بضعف عمر رضي الله عنه
عن حملها وهو عمر، حتى ثبته الله بالصديق رضي الله عنه، قال ابن عباس رضي
الله عنهما : كل سكينة في القرآن فهي طمأنينة إلا التي في سورة البقرة،
وفي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : رأيت النبي صلى
الله عليه وسلم ينقل من تراب الخندق حتى وارى التراب جلدة بطنه وهو يرتجز
بكلمة عبدالله بن رواحة رضي الله عنه : لاهم لولا أنت ما اهتدينا * ولا
تصدقنا ولا صلينا فأنزلن سكينة علينا * وثبت الأقدام إن لاقينا إن الأولى
قد بغوا علينا * وإن أرادوا فتنة أبينا ) انتهى.
أرأيت أخي القارئ كيف هو كذاب متبلد الإحساس ؟!
[ ثالثا ] محاكمة منصور النقيدان : تبين فيما سبق مراد منصور والكذب الذي
افتراه على ابن تيمية، وتم نقل النص كاملا لك أخي القارئ وفيه تلاحظ ما
يلي :
- الموضوع يتكلم عن السكينة وعظم شأنها وفضيلتها، ثم سرد ابن القيم
الجوزية آيات تبين حاجة الأنبياء ومن معهم من المؤمنين إلى السكينة،
وأنها تأتي في المواضع العظيمة التي يكون فيها الخوف والبلاء فتنزل
السكينة لتثبت القلوب المؤمنة الصادقة.
- ثم ذكر ابن القيم الجوزية أن ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه
الأمور : قرأ آيات السكينة، والمقصود بالأمور المصائب والمحن والشدائد،
ودليل ذلك ما سيذكره ابن القيم لاحقا، وليس الموضوع بتاتا في الأزمات
الروحية والزيغ والشك وعدم وثوق بالمسلمات، والثوابت الدينية، عامل الله
منصور النقيدان بعدله.
- ثم ذكر ابن القيم الجوزية النص الذي جعله منصور وسيلة لتشويه سمعت ابن
تيمية وإلصاق ما يعانيه النقيدان شخصيا بابن تيمية حقدا على الحقيقة
العدل.
يقول ابن القيم : ( وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له فى مرضه تعجز
العقول عن حملها من محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف
القوة قال : فلما اشتد علي الأمر قلت لأقاربي ومن حولي : اقرأوا آيات
السكينة قال : ثم أقلع عني ذلك الحال وجلست وما بي قلبة وقد جربت أنا
أيضا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرد عليه فرأيت لها
تأثيراعظيما في سكونه وطمأنينته ).
وهنا يظهر لك أخي القارئ كذب ومرض منصور النقيدان النفسي، فمنصور جعل -كما
يزعم- ما يصيب ابن تيمية من الشكوك هو السبب في المرض وإلزامه للفراش
وهذا كذب .
يقول منصور النقيدان : (فما يذكره ابن قيم الجوزية في مدارج السالكين في
باب الفراسة، من الأحوال التي كانت تعرض لشيخه ،والتعب الذي كان يلزمه
أحياناً الفراش، ويفسره ابن تيمية بأنه:"من تسلط الأرواح الخبيثة" ) .
إذن على كلام النقيدان : فالأحوال التي هي الشكوك هي التي كانت تعرض لابن
تيمية وتلزمه الفراش !! هذا ما ينسبه لابن القيم !
وأنت أخي القارئ مر عليك نص ابن القيم حيث يقول : ( وسمعته يقول في واقعة
عظيمة جرت له فى مرضه تعجز العقول عن حملها من محاربة أرواح شيطانية ظهرت
له إذ ذاك في حال ضعف القوة قال : فلما اشتد علي الأمر قلت لأقاربي ومن
حولي : اقرأوا آيات السكينة ).
فابن تيمية كان في الأصل مريضا مرضا جسديا ولذلك قال ( في مرضه حال ضعف
القوة) فلما كان ابن تيمية مريضا مرضا أضعف قوته ظهرت له أرواح شيطانية
وهم من الجن لإخافة ابن تيمية ولذلك قال ابن القيم ( ظهرت له إذ ذاك ) أي
حال مرضه لا أن تكون سبب مرضه كما يزعم منصور النقيدان، وتعرّض الشياطين
للبشر أمر وارد كما تعرض روح شيطاني للنبي صلى الله عليه وسلم أثناء
صلاته، وكما عرض على عيسى عليه الصلاة والسلام، وكما عرض شيطان على عمر
رضي الله عنه في الطريق، وابن تيمية في منزلة أقل بكثير من منزلة النبي
صلى الله عليه وسلم وعيسى عليه السلام ومنزلة عمر رضي الله عنه، ولذلك
استعان بالآيات القرآنية التي تدخل السكينة على نفس المؤمن في وقت الخوف
والفتنة ومن أشد مواقف الخوف ظهور الشياطين خاصة وقت ضعف الإنسان وخور
قواه .
ولذلك ولشدة مرضه رحمه الله لم يقو على القراءة بنفسه بل طلب ممن حضر
عنده أن يقرأ آيات السكينة ولذلك قال : (فلما اشتد علي الأمر قلت لأقاربي
ومن حولي : اقرأوا آيات السكينة قال : ثم أقلع عني ذلك الحال وجلست وما
بي قلبة ) .
فالحال الذي أقلع عنه ليس الأرواح الشيطانية بل ضعف القوة كما هو ظاهر،
ولذلك وبقوة السكينة التي مدته بها الآيات القرآنية استطاع أن يزيل عنه
حالة ضعف القوة، ومن ثم استطاع أن يحارب هذه الشياطين بالسكينة والثبات،
وهذا أمر مشهود معروف عن الأطباء وأن المرض الجسدي إذا صاحبه مرض نفسي
زاده أضعافا، والعكس صحيح إذا مرض الإنسان جسديا وأعطي دوافع نفسية
وروحية وطمأنينة عظيمة فإنه ينشط جسديا، وكم من صحيح جسدي أهلك قوى جسده
بأمراضه النفسية وهذا أمر ظاهر لا يحتاج إلى تدليل .
- ويؤكد ما ذكرت : قوله (ثم أقلع عني ذلك الحال وجلست وما بي قلبة ) فإذا
كان النقيدان يفقه في اللغة شيئا فهو يكذب متعمدا الكذب، هو هو جاهل
متبلد لا يبالي أين وقع أو ما يقع عليه.
فقد جاء في معاجم اللغة :
قال الفيروزآبادي في كتابه ( القاموس المحيط) : (وما به قلبة محركةً: داء،
وتعب).
وقال البستاني صاحب ( معجم الوافي ) : ( القلبة محركةً : الداء الذي هو
مدعاة لتقلب صاحبه على فراشه، والتعب . ما به قلبة : أي ما به داء وعيب).
فانظر رعاك الله أخي القارئ إلى كذب النقيدان على ابن تيمية وكيف حاول
التلبيس والخداع وتحويل الأمر من مرض جسدي إلى مرض نفسي سببه الشكوك وسوء
الظنون في أصول الدين، أمثل هذا الأفاك الأشر يستحق احترام أو تقدير؟
أليس حقه الحجر في مصحات نفسية كي يرتاح أهله من شره بعد أن أعلنوا أمام
الملأ براءتهم منه !
لقد تبين بجلاء أن ابن تيمية كان في الأرض طريح الفراش لمرض عرض له، وفي
ذلك المرض كما نص عليه ظهرت له الشياطين ترهبه وتخوفه، لما رأت خور قوته،
لكنه وهو المؤمن استعان بالله وبالتحصن بالآيات القرآنية التي تثبت
المؤمن وقت الفزع والخوف آيات السكينة، ولضعف قوته الجسدية طلب ممن حضره
أن يقرأها، فلما تليت الآيات أقلع عن ابن تيمية حالة ضعف القوة، فجلس وما
به من داء أو تعب.
وفي ذلك دليل على بركة الآيات القرآنية وأثرها العظيم في الشفاء، شفاء
الأمراض الجسدية، والأمراض الروحية، خاصة مع الدعاء والابتهال لله، وقصة
رقية الصحابة رضي الله عنهم للرجل الملدوغ من عقرب أشهر من أن تذكر،
والآثار في ذلك كثيرة.
- ومما يؤكد أن الاضطراب الذي عرض لابن تيمية اضطراب خوف وإزعاج بسبب
ظهور الشياطين لا اضطراب إيمان وشك ما قاله ابن القيم بعد ذلك حيث قال :
(وأصل السكينة هي الطمأنينة والوقار والسكون الذي ينزله الله في قلب عبده
عند اضطرابه من شدة المخاوف فلا ينزعج بعد ذلك لما يرد عليه ويوجب له
زيادة الإيمان وقوة اليقين والثبات ولهذا أخبر سبحانه عن إنزالها على
رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين في مواضع القلق والاضطراب كيوم
الهجرة إذ هو وصاحبه في الغار والعدو فوق رءوسهم لو نظر أحدهم إلى ما تحت
قدميه لرآهما وكيوم حنين حين ولوا مدبرين من شدة بأس الكفار لا يلوي أحد
منهم على أحد وكيوم الحديبية حين اضطربت قلوبهم من تحكم الكفار ) إلخ.
إذن المسألة مسألة سكينة وطمأنينة تنزل في قلب المؤمن عن اضطرابه من
المخاوف والزلازل كمواجهة الكفار في القتال أو محاصرة الأعداء أو ظهور
الشياطين، وهذا ظاهر من كلام ابن القيم يفهم القارئ العامة فضلا عن
المثقف، إلا اللهم من في قلبه مرض البلادة واللامبالاة.
ومن من الخلق يستغني عن السكينة الربانية التي تثبت القلب عن المخاوف
والشدائد؟
فهذه المرأة المؤمنة أم موسى فزع قلبها وحصل لها ما حصل بسبب مصيبة فقد
ابنها، قال تعالى : ( وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدى به لولا أن
ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين) .
والصحابة رضوان الله عليهم وهم خير البشر بعد الأنبياء، زلزلوا زلزالا
شديدا، قال الله تعالى: ( إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت
الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا * هنالك ابتلي
المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا).
وقال تعالى عن تسلط الشيطان بالوسوسة على الصحابة : ( إذ يغشيكم النعاس
أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان
وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام) .
وقال الله واصفا حال الرسل عن شدة تكذيب أقوامهم : ( حتى إذا استيئس
الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا) .
والآيات كثيرة في عظم قائدة السكينة وأنه لا أحد يستغني عنها إلا من تبلد
قلبه وفقد المبالاة فأصبح يباهل على جمال ديمي مور، فيفضحه الله على يد
عبده لويس عطية الله ليبين له أنه أضل من حمار أهله حتى في ذلك، نعوذ
بالله من الخذلان!
وأخيرا .. فابن تيمية ليس معصوما من الشك أو نحوه، مثله مثل بقية
المؤمنين، لكن أن يكون مثل حالة منصور النقيدان والتي وصفها بكل أمانة عن
نفسه فمعاذ الله .
فأين هذا كله من كذب وتلبيس منصور النقيدان ؟!
|