ذعر اليهود
ذعر اليهود
لنشر البرتوكولات واثر ذلك:
وقع الكتاب في
يد نيلوس سنة 1901، وطبع منه نسخاً قليلة لأول مرة بالروسية سنة 1902 فافتضحت نيات
اليهود الاجرامية، وجنّ جنونهم خوفاً وفزعاً، ورأوا العالم يتنبه إلى خططهم الشريرة
ضد راحته وسعادته، وعمت المذابح ضده في روسيا حتى لقد قتل منهم في احداها نحو عشرة
آلاف، واشتد هلعهم لذلك كله، فقام زعيمهم الكبير الخطير تيودور هرتزل أبو
الصهيونية، وموسى اليهود في العصر الحديث يلطم ويصرخ لهذه الفضيحة، وأصدر عدة نشرات
يعلن فيها أنه قد سرقت من "قدس الأقداس" بعض الوثائق السرية التي قصد اخفاؤها على
غير أصحابها ولو كانوا من أعاظم اليهود، وأن ذيوعها قبل الاوان يعرض اليهود في
العالم لشر النكبات، وهب اليهود في كل مكان يعلنون أن البرتوكولات ليست من عملهم،
لكنها مزيفة عليهم، ولكن العالم لم يصدق مزاعم اليهود للاتفاقات الواضحة بين خطة
البرتوكولات والاحداث الجارية في العالم يومئذ، وهذه الاتفاقات لا يمكن أن تحدث
مصادفة لمصلحة اليهود وحدهم،وهي أدلة بينة أو قرائن اكيدة لا سبيل إلى أنكارها أو
الشك فيها، فانصرف الناس عن مزاعم اليهود، وآمنوا ايماناً وثيقاً أن البروتوكولات
من عملهم، فانتشرت هي كما انتشر تراجمها إلى مختلف اللهجات الروسية وانتشرت معها
المذابح والاضطهادات ضد اليهود في كل أنحاء روسيا حتى لقد قتل منهم في احدى المذابح
عشرة آلاف، وحوصروا في احيائهم كما قدمنا.
واستقبل اليهود
في الدفاع عن انفسهم، وسمعتهم المهتوكة، وجدوا في اخفاء فضيحتهم أو حصرها في أضيق
نطاق، فأقبلوا يشترون نسخ الكتاب من الأسواق بأي ثمن، ولكنهم عجزوا، واستعانوا
بذهبهم ونسائهم وتهديداتهم ونفوذ هيئاتهم وزعمائهم في سائر الأقطار الأوروبية لا
سيما بريطانيا لكي تضغط على روسيا دبلوماسياً، لايقاف المذابح ومصادرة نسخ الكتاب
علنياً، فتم لهم ذلك بعد جهود جبارة.
ولكن نيلوس
أعاد نشر الكتاب مع مقدمة وتعقيب بقلمه سنة 1905، ونفدت هذه الطبعة في سرعة غريبة
بوسائل خفية، لأن اليهود جمعوا نسخها من الأسواق بكل الوسائل واحرقوها، ثم طبع في
سنة 1911 فنفدت نسخه على هذا النحو، ولما طبع سنة 1917 صادره البلاشفة الشيوعيون
الذين استطاعوا في تلك السنة تدمير القيصرية، والقبض على أزمة الحكم في روسيا، وكان
معظمهم من اليهود الصرحاء أو المستورين أو من صنائعهم، ثم اختفت البروتوكولات من
روسيا حتى آلان.
وكانت قد وصلت
نسخة من الطبعة الروسية سنة 1905 إلى المتحف البريطاني
British Museum
في لندن ختمت بخاتمه، وسجل عليها تاريخ تسلمها (10 أغسطس سنة 1906) وبقيت النسخة
مهملة حتى حدث الانقلاب الشيوعي في روسيا سنة 1917، فوقع اختيار جريدة "المورننغ
بوست Morning Post"
على مراسلها الأستاذ فكتور مارسدن ليوافيها بأخبار الانقلاب الشيوعي من روسيا،
واطلع قبل سفره على عدة كتب روسية كانت من بينها البرتوكولات التي بالمتحف
البريطاني، فقرأ النسخة وقدر خطرها، وراى ـ وهو في سنة 1917 ـ نبوءة ناشرها الروسي
الاستاذ نيلوس بهذا الانقلاب سنة 1905، أي قبل وقوعه بإثنتي عشرة سنة، فعكف
المراسل في المتحف على ترجمتها إلى الانجليزية ثم نشرها، وقد أعيد طبعها مرات بعد
ذلك كانت الأخيرة والخامسة منها سنة 1921 (ومنها نسختنا)، ثم لم يجرؤ ناشر في
بريطانيا ولا أمريكا على طبعها بعد ذلك كما يقول مؤرخ انجليزي معاصر هو العلامة
دجلاس ريد في كتابه على الحركات السرية المعاصرة، ودون أن نطيل القول في أسباب صمت
الناشرين عنها ـ على ما وضحها الاستاذ ريد ـ نتبين أصابع اليهود من وراء كل صمت
مريب.
وفي سنة 1919
ترجم الكتاب إلى الألمانية، ونشر في برلين، ثم توقف طبعه بعد أن جمعت أكثر نسخه،
وكان هذا مظهراً من مظاهر نفوذ اليهودية في المانيا، قبل انتصارها عليها بعد الحرب
العالمية الأولى، كما انتصرت عليها خلالها، إذ كانت ألاعيبها ودسائسها قد امتدت
أثناء الحرب من الساسة إلى قادة الجيوش والاساطيل بين الألمان، وكانت سبباً من أكبر
أسباب هزيمة المانيا في تلك الحرب الضروس، ومن أظهر آيات ذلك انسحاب الاسطول
الألماني وهو منتصر ظاهر أمام الأسطول الإنجليزي في معركة جتلاند
Jutland Battle
وقد استشهد البريطان في مقدمة طبعتهم الخامسة للبرتوكولات على صحة نسبتها إلى
اليهود وسعيهم وفق خططها ببيانات هذه المعركة ونتيجتها، وان كانوا قد بالغوا حين
حملوا اليهود كل مسؤوليات الحرب العالمية الأولى ومصرع روسيا وهزيمة المانيا وما
اعقب الحرب من ويلات عاتية، شملت كل بقعة على هذا الكوكب.
ومع محاولات
اليهود الجبارة اخفاء أمر البرتوكولات عن العيون انتشرت تراجمها بلغات مختلفة في
فرنسا وايطاليا وبولونيا وامريكا عقب تلك الحرب، وعم انتشارها وأثرها في تلك
البلاد، ولكن سرعان ما كانت تختفي دائماً من مكتباتها بأساليب محيرة حيثما سطعت في
الظهور، والى جانبه البرتوكولات، فحاول اليهود منعها، فلما عجزوا بشتى أساليبهم عن
اقناعها احرقوا مطبعتها.
ومن المتعذر أن
نتتبع رحلة هذا الكتاب العجيب في بلاد العالم بين الظهور والاختفاء. ولكنا نشير إلى
بعض وقائعه في بريطانيا لأننا بها أعلم، وبقصد كتابها أوثق، وهي مثل يدل على سواه،
وحسبنا هنا أن نصور قطرات مما سالت به اقلام كتابها حول البروتوكولات عقب الحرب
العالمية الأولى التي صليت نيرانها معظم أمم العالم كبارها وصغارها، وبددت في
سعيرها كثيراً من كنوز شبابها وأخلاقها وعقائدها وروابطها وأموالها، ولم يخرج منها
سالماً غانماً الا اليهود، حتى رأى أحد كتاب البريطان ان الهتاف الصحيح يومئذ هو
"اليهودية فوق الجميع Jewry ueber Alles
لا هتاف الغرور "المانيا فوق الجميع" الذي جعلته المانيا شعارها أيام ازدهارها عقب
انتصارها على فرنسا في الحرب السبعينية (1870) ومناداتها بملك بروسيا امبراطوراً
على المانيا في حفل تتويجه بقصر فرساي في قلب فرنسا، ثم ضمنت المانيا هذا الشعار
نشيدها القومي وجعلته عنواناً له، ولم يزل كذلك حتى تمت هزيمتها في تلك الحرب.
وقد نعى الكاتب
البريطاني على امته يومئذ مقاومتها الخطر الألماني الذي غلبته في تلك الحرب دون
الخطر اليهودي الذي أهملته وان كان أخفى وأكبر، وكذلك وجه نظر أمته يومئذ إلى
الصلات القوية بين البروتوكولات الصهيونية وسقوط روسيا في أيدي البلاشفة ـ ومعظمهم
من اليهود ـ عقب مصرع القيصرية فيها سنة 1917، وقد أحدث سقوطها يومئذ من الدوي في
آذان البشر، ومن الروع في نفوسهم ما يحدثه منظر جبل يخر في بحر زاخر فيتتابع ارغاؤه
وازباده، وكانت بوادر الفظائع البلشفية اليهودية في روسيا تؤرق أجفان الأمم الحرة
توجعاً لشعبها الهائل المسكين الذي كان يتقلى في رمضاء القيصرية، ويتفزز للنجاة
منها، فوقع في جحيم الشيوعية اليهودية، ولاح بعد ظهور البروتوكولات ـ أبان تسعر تلك
الجحيم بضحاياها ـ ان خططها تطبق في وحشية على ذلك الشعب المسكين، وتمتد السنتها
سراً وجهراً إلى سائر الشعوب الأوروبية، ولا سيما الشعوب التي تتاخم روسيا أو
تدانيها في أوروبا الشرقية والوسطى، عن طريق اثارة القلاقل والفتن والاضرابات
والاغتيالات للقضاء على كل قوة وطنية وانسانية فيها كي تخر ذليلة مستسلمة تحت اقدام
البلشفية اليهودية.
وكذلك تنبه بعض
الكتاب الذين قارنوا بين تلك الفظائع البلشفية والبروتوكولات الصهيونية فسموا
البرتوكولات "الإنجيل البشفي" بما لاحظوا بينها من توافق كجيب، كما لاحظ كاتب
انجليزي
مناورات
اليهود للتشكيك في نسبة الكتاب اليهم، ففند مزاعمهم بحجج كثيرة: منها ذلك التوافق
العجيب بين نبوءات البرتوكولات في سنة 1901 وتلك الويلات التي رمى بها اليهود
العالم كفتنة البلشفية اليهودية وغيرها من الفتن في روسيا وسائر البلاد الاوروبية،
ودعا الكاتب مواطنيه وسائر الأمم المسيحية إلى الحذر من عقابيل هذه الفتنة الماردة
الوحشية العمياء التي أثاروها في أوروبا ولا سيما روسيا، ولكن خطر البلشفية
اليهودية ودسائسها وعنفها وخداعها وذهبها مكنت لها من الاستقرار في وكرها الجبار.
وقصر نظر بعض
الساسة الاوربيين يومئذ فظنوا روسيا بعيدة حتى ليس على بلادهم منها خطر، وفطن غيرهم
من الساسة إلى مكمن الخطر ولم يخدعه ذلك البعد، ولكن الشعوب الحرة كانت قد وضعت كل
أصابعها في آذانها واستغشت ما بقي من ثيابها، حتى لا تسمع نداء الحرب أو ترى
ميداناً لها بعد انتصارها في الحرب العالمية الأولى التي استمرت نحو خمس سنوات حتى
استنزفت معظم جهود المحاربين فيها غالبين ومغلوبين.
وهذه ترجمة
نبذة لكاتب انجليزي نراها تلخص نظره إلى مجمل هذا الموقف عندما كتبها في أغسطس سنة
1920، قال:
"في مايو سنة
1920 نشرت جريدة "التيمس" مقالاً عن "الخطر اليهودي" سمته "رسالة مقلقة: دعوة
للتحقيق". ومنذئذ بدأت جريدة "المورننغ بوست" بمجموعة من المقالات في 12يوليه تنشر
"تحقيقاً" مضنياً جداً تحت عنوان "العالم المضطرب: خلف الستار الأحمر". وقد سمى
كاتبها البرتوكولات يومئذ "الإنجيل البلشفي" وهي تسمية منه بالغة الجدارة.
واليهود ـ سواء
منهم المحافظون Orthodox
وغير المحافظين Un orthodox
ـ قد جحدوا بالضرورة صحة البرتوكولات ودعوها تزييفاً. غير ان المزيف ـ على فرض
تزييفها ـ لابد أن يكون مزيفاً ممتازاً، ولابد أن يكون يهودياً، فما من مزيف غير
ذلك يحتمل أن يكون قادراً على تزييف النبوءات فيها فحسب، فضلاً عن أن يصورها
تصويراً كاملاً أيضاً.
أن الوقائع ـ
لسوء حظنا نحن الجوييم Goyem
(غير اليهود) ـ يمكن أن تكون أي شيء ما عدا أنها مزيفة.
ولا يمكن أن
يعجز أحد، كما يقول كاتب "التيمس"، عن أن يكتشف روسيا السوفيتية في البروتوكولات،
كما أنه لا أحد يستطيع أن ينكر أن القوميسيرين السوفيت يكادون يكونون جميعاً من
اليهود. ويمضي الكاتب قائلاً: "من يتأتى الاستخفاف بملاحظة النبوءة. وقد أنجز جانب
منها، على حين أن جوانب أخرى منها في طريق الانجاز؟ هل كنا نقاتل طوال هذه السنين
الفاجعة
لننسف ونستأصل التنظيم السري لسيطرة المانيا على العالم لغير هدف الا لنجد تحته
خطراً آخر أعظم لانه أشد خفاء هل تخلصنا، بتوتير كل عرق في جسم وطننا من "سلام
الماني "pax Germaneca
لغير شيء الا لنتورط في "سلام يهودي Pax Judaeice.
أنه ليتحتم على
كل بريطاني مخلص أن يظفر بهذا الكتاب ويدرسه في ضوء الأحداث الداخلية والخارجية.
وعندئذ سيعلم شيئاً عن ماهية الخطر اليهودي Jewish Peril
وسيقرر لنفسه امكان الثقة باليهود ـ على أي حال ـ في حكومة هذا الوطن أو أي وطن
مسيحي آخر".
5 ـ استمرار
المعارك حول البروتوكولات:
وليست هذه
نهاية المعارك التي أثارتها البرتوكولات، وما كان لها أن تكون النهاية، فقد
استمرت المعارك
حولها تضعف أو تشتد في بريطانيا كلما ظهرت آثار العبث اليهودي بمصالحها ولا سيما
خلال الهزاهز العالمية كالثورات والانقلابات والمجاعات والازمات المالية والسياسية
والاجتماعية والفكرية، فكانت الصحف التي لم ينجح اليهود في السيطرة عليها ـ وفي
مقدمتها المورننغ بوست والتيمس ـ تنشب هذه المعارك بشدة حول البرتوكولات، فتتجاوب
اصداؤها في صحف أخرى، ولم يهمل كتابهم ومفكروهم وساستهم أمرها فشاركوا فيها بكتبهم
ومقالاتهم على السواء كما يخبرنا بذلك المؤرخ الانجليزي الجريء دجلاس ريد صاحب كتاب
"من الدخان إلى الخنق" في بحثه عن الحركات السرية المعاصرة.
وقد ازدادت هذه
المعارك حول البروتكولات عنفاً خلال الحرب العالية الثانية وفي أدبارها، عندما حاول
اليهود جهدهم تسخير بريطانيا لاقامة دولتهم "إسرائيل" واجلاء العرب عن فلسطين وتخوم
سينا الشرقية في مصر، مهدرين بذلك مصالح بريطانيا وسمعتها وهيبتها، وعاثت العصابات
الاسرائيلية فسادا في تلك البقعة المقدسة: تقتل جنود بريطانيا الذين يحمونها
ويمهدون السبيل لاقامة دولتهم رغم انوف البلاد العربية وغيرها، ولم تفرق في التنكيل
بينهم وبين العرب، بل كانت تقتل من البريطانيين كل من تأنس منه تراخياً في تأييد
سياستها الاجرامية، ومن ذلك، قتل ارهابيين منها للورد "موين" الوزير البريطاني في
مصر خلال الحرب لانه أبي التطرف مع تلك العصابات في مطالبها الفاضحة الجامحة،
وتعرضت مصر يقتله لكارثة لم يكن يعلم مداها الا الله لو لم يقبض للشرطة في مصر
القبض على الارهابيين القاتلين.
وقد أثار تقتيل
العصابات الاسرائيلية للبريطانيين عسكريين ومدنيين، ونسفها لمنشآتهم وعدوانها على
مخازن أسلحتهم وذخائرهم ـ غضب كثير من أحرارهم وفيهم الساسة ذوو السلطان في الحكم
كالوزراء وأعضاء البرلمان، ولكنهم أمام نفوذ الصهيونية العالمية في أوروبا وأمريكا
خابوا في القصاص من العصابات الاسرائيلية وفي وقف نشاطها المدمر، لا ضد العرب فحسب
بل ضد ضحاياها من رجالهم واملاكهم، بل خابوا في وقف مساعدات حكوماتهم المتوالية
لتلك العصابات التي ما كانت لتستطيع بغير هذه المساعدات أن تتمادى في عدوانها عليهم
وعلى العرب، ولكن توالي المساعدات هو الذي مكن لتلك العصابات في عدوانها إلى حين
قيام إسرائيل وفيما بعده حتى الآن .
وخلال ذلك كله
كان ذوو الاقلام الحرة الجريئة بين الساسة والصحفيين والمفكرين والادباء في
بريطانيا يبدءون ويعيدون في حديث المؤامرة الصهيونية ضد بلادهم ودينهم كما تدل
عليها الفتن العالمية وأقوال زعماء اليهود معاً في أوروبا وأمريكا والشرق الادنى
خلال القرنين الاخيرين، ومضوا يقارنون ويوازنون في حديث المؤامرة بين صورتها
الواضحة من تلك الفتن والأقوال وصورتها من الوثائق السرية المنسوبة اليهم ولا سيما
البرتوكولات، وينتهون من هذه الدراسة إلى نتائج بسيطة، ولكنها مع بساطتها مدهشة
معجبة، منها صحة نسبة تلك الوثائق ـ وفي مقدمتها البرتوكولات ـ آبائها من اليهود
أصحاب الحركة الصهيونية، لأن الشواهد من الفتن والأقوال اليهودية الصريحة في
القرنين الأخيرين بل الأقوال المشابهة لها في التوراة ثم التلمود ثم فتاوى
الربانيين اليهود بعد ذلك تعزز صحة هذا النسب العبراني اليهودي اللئيم.
وسواء أكان
الحافز لهؤلاء الكتاب الأحرار وغيرهم في بلاد العالم هو الغيرة القومية أو الدينية
أو نحوها أم الغيرة الإنسانية وهي أنبل وأكرم فانهم يقدمون نتائج دراساتهم الوثيقة
أمام العيون المفتوحة وأمام العيون التي يغمضها الجهل أو الغفلة أو الهوى على
السواء، لتبصر الجحيم التي أعدها اليهود لسائر أمم العالم بأديانها وقومياتها
وثرواتها ونظامها أن قدر لهم أن يسيطروا عليها، ولتبصر الويلات التي يعدونها لها في
الطريق نحو تلك الخاتمة. لو لم يتمكنوا من اسقاطها في هذه الجحيم. ومن دراسات هؤلاء
الكتاب الاحرار هناك مقالات صحفية،
وفصول من كتب
بل لقد ظهرت كتب خاصة
بتوضيح خطط البرتوكولات واهدافها ووسائلها معززة بالشواهد الكثيرة من الفتن
العالمية وتصريحات قادة اليهود في القرنين الأخيرين، ومع مقارنتها بتصريحات الكتب
اليهودية المقدسة كالتوراة والتلمود ثم فتاوى حكماء (حاخامات) اليهود وصلواتهم
وتعليماتهم التي تحفظها دفاترهم وصحفهم وسجلاتهم في المدارس والمعابد والخزائن.
وشاع أنه ما من
أحد ترجم هذا الكتب أو عمل على إذاعته بأي وسيلة الا انتهت حياته بالاغتيال أو
بالموت الطبيعي ظاهراً ولكن في ظروف تشكك في وسيلته، وأفزعت هذه الشائعة بعض الناس
ومنعتهم ترجمته، ومن ذلك أن جريدة "الاساس" ـ احدى جرائدنا المصرية ـ تمكنت في سنة
1946 من الحصول بوسيلة صحفية على نسخة للبرتوكولات مكتوبة بالآلة الكاتبة لقاء
ثمانين جنيهاً، ودفعت النسخة إلى الأستاذ (أ.م) أحد المترجمين فيها، وطلبت منه
ترجمتها لقاء أجر إضافي كاف لاغرائه، فأحجم عن ترجمتها برهة، بعد أن بلغته تلك
الشائعة وسأل عن صحتها أديباً كبيراً فينا فلم يكذبها الأديب الكبير، بل قابله
بالابتسام والدعابة في الجواب عما سأله. وقد لقيني ذلك المترجم يوماً في دار "الاساس"
سنة 1947، وأبلغني هذا كله، فلما علم انني فرغت من ترجمة البروتوكولات، وأني
سأنشرها تباعاً في "مجلة الرسالة" حذرني كثيراً، فلما رأى إصراري لقبني "الشهيد
الحي" وكرر نصيحتي بالحذر
6ـ ندرة نسخ
الكتاب ووسائل اليهود في منع تداوله:
من أجل ذلك
وغيره كانت نسخ الكتاب اليوم قليلة، بل نادرة مفرطة الندرة، وحسبك من كتاب صفحاته
مائة أو دونها من القطع المتوسط تباع نسخته مكتوبة على الآلة الكاتبة لقاء ثمانين
جنيهاً كما أشرنا هنا، وقد اخبرني أحد
سفرائنا المصريين في أحد الأقطار الشرقية الآن ـ أثناء اقامته في فرنسا، ونشرت مجلة
"روز اليوسف" المصرية في عدها 1211 في 28/8/1951 مقالة عنوانها "روز اليوسف تحصل
على أخطر كتاب في العالم" وقد صدرت مقالتها بهذا النص "تمكنت احدى الجهات المصرية
الرسمية من الحصول على كتاب خطير "الخطر اليهودي:
بروتوكولات
حكماء صهيون" دفعت ثمناً له خمسمائة جنيه..ولعل هذه النسخة التي حصلت عليها الجهة
الرسمية هي الوحيدة الموجودة في الشرق، واحدى ثلاث نسخ موجودة في العالم" ومع حذف
المبالغة التي توحي بها المهنة الصحيفة في هذا الخبر تبقى حقيقة مؤكدة هي ندرة نسخ
الكتاب بسبب نفوذ الصهيونية العالمية وأنصارها، وبتوقي الناس غضبهم وغضبها في بلاد
العالم.
كما عرفت من
موظف كبير في جامعة الدول العربية (الاستاذ ع.خ) ـ أثناء اجتماعي به في دار مجلة
"الرسالة" ـ أن خلاصة لهذا الكتاب في صفحات طبعت بالعربية في سورية، فبيعت كل نسخة
من الخلاصة بنحو جنيه مصري، وقد تطوع صاحبها بنسخها لتباع ويرصد ثمنها معونة لجمعية
خيرية هناك، مبلغ علمي ان هذا الكتاب لم يترجم كله ترجمة عربية امينة وافية قبل
ترجمتي هذه، وأنه ـ كذا قال المؤرخ الكبير المستر دجلاس ريد ـ لم يجرؤ ناشر في
أوروبا ولا أمريكا على طبعه بأي لغة منذ سنة 1921.
وما تعرض
إنسان لترجمة الكتاب ونشره الا تعرض للحملات العنيفة من الصهيونيين وصنائعهم،
وعندما شرعت في نشر البروتوكولات في جريدة "منبر الشرق"
يهوديتان تصدران في مصر تهاجمانني وتتهمانني بتهم عدة، ولم أتتبع هذه الحملة، ولا
أهمني أمرها، إذ كنت انتظرها فلما جاءت على موعد لم تفاجئني بجديد.
وقد اشرت قبل
ذلك إلى أن اليهود كانوا يطعنون في نسبة الكتاب اليهم منذ نشره نيلوس لأول مرة
بالروسية سنة 1902 وانهم كانوا ـ أين طبع، وبأي لغة طبع ـ يحاولون جمع نسخه من
الأسواق بكل الطرق الحلال والحرام، وكانوا يحملون الحكومات على مصادرته فأبى الوزير
ذلك، وحجته أنه لا يملك حق مصادرته، ثم وضح للنواب الثائرين أن عليهم ان يلجأوا إلى
القضاء اذا كانوا يرون الكتاب مختلقاً على اليهود، فأفحم الثوار من النواب
المتحمسين للصهيونية. بعد هذه الخيبة التي مني بها وكلاؤهم في مجلس العموم لم يجد
اليهود مفراً من شراء نسخ الكتاب، ثم شراء ضمائر ذوي الاقلام العوجاء بالمال
والنساء وغيرهما لايقاف الحملات ضدهم بمثلها، كما لجأوا للشتم والسباب البذيء وهكذا
كانت خطتهم معي منذ نشرت البروتوكولات في "منبر الشرق".
وهكذا فعلوا
ايضاً في فرنسا عندما أعلن عن قرب صدور الكتاب، وضغطوا على الحكومة الفرنسية
لمصادرته ففشلوا، واحالتهم على المحاكم، وكانوا في كل بلد الا سويسرا يتجنبون رفع
الأمر إلى المحاكم، لأن القضاء لابد أن يدمغهم بكل ما في البروتوكولات من مخاز
وفضائح، وهذا ما يرون على تجنبه، وهناك وسائل سوى ما ذكرناها من النساء والاموال
يلجأ إليها اليهود لمنع الكتاب من التداول ومنع تأثيره، أو حصره في أضيق نطاق.
من هذه الوسائل
ما تقرره بروتوكولاتهم، وكتبهم المقدسة: كالتهديد والارهاب والقتل غيلة للتخلص من
كل عدو خطر، وامامهم في هذا نبيهم موسى كما تصوره لهم التوراة، فانه حين رأى مصرياً
وعمانياً يقتتلان التفت هنا وهناك "فلما لم يجد أحداً قتله وطمره في الرمل" وهذا
المثل ـ في كتاب شريعتهم المقدس ـ يوضح لهم الطريق الذي يتخلصون به من كل اعدائهم،
وعن هذا الطريق الرهيب اختفى أو اغتيل كثير من ذوي الأقلام الحرة الذين لم تنجح
الأموال والنساء والمناصب والتهديدات في استمالتهم إلى صف اليهود، أو في وقف
حملاتهم عليهم. وهؤلاء الأحرار كلهم أو كثير منهم اختفوا أو اغتيلوا أو ماتوا
طبيعياً ولكن في ظروف غريبة وطرق مريبة تستعصي على الفهم.