المولد النبوي :
تاريخه، حكمه ، آثاره
1 / 2 /
3
|
ومن قباحتهم
انهم كانوا يأمرون الخطباء بذلك (أي أنهم علويون فاطميون ) على المنابر
ويكتبونه على جدران المساجد وغيرها وخطب عبدهم جوهر الذي أخذ لهم الديار
المصرية وبنى لهم القاهرة ( المعزية) بنفسه خطبة قال فيها اللهم صلي على
عبدك ووليك ثمرة النبوة وسليل العترة الهادية المهدية معد أبي تميم
الإمام المعز لدين الله أمير المؤمنين كما صليت على آبائه الطاهرين وسلفه
المنتخبين الأئمة الراشدين ) كذب عدوّ الله اللعين فلا خير فيه ولا في
سلفه أجمعين ولا في ذريته الباقين والعترة النبوية الطاهرة منهم بمعزل
رحمة الله عليهم وعلى أمثالهم من الصدر الأول .
والملقب بالمهدي لعنه الله كان يتخذ الجهال ويسلطهم على أهل الفضل وكان
يرسل إلى الفقهاء والعلماء فيذبحون في فرشهم وأرسل إلى الروم وسلطهم على
المسلمين وأكثر من الجور واستصفاء الأموال وقتل الرجال وكان له دعاة
يضلون الناس على قدر طبقاتهم فيقولون لبعضهم (هو المهدي ابن رسول الله
صلى الله عليه وسلم وحجة الله على خلقه ) ويقولون لآخرين (هو رسول الله
وحجة الله ) ويقولون لاخرى (هو الله الخالق الرازق) لا اله إلا الله وحده
لا شريك له تبارك سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا ولما هلك
قام ابنه المسمى بالقائم مقامه وزاد شره على شر أبيه أضعافا مضاعفة وجاهر
بشتم الأنبياء فكان ينادى في أسواق المهدية وغيرها (العنوا عائشة وبعلها
العنوا الغار وما حوى ) اللهم صلي على نبيك وأصحابه وأزواجه الطاهرين
وألعن هؤلاء الكفرة الفجرة الملحدين وارحم من ازالهم وكان سبب قلعهم ومن
جرى على يديه تفريق جمعهم وأصلهم سعيرا ولقهم ثبورا وأسكنهم النار جمعا
واجعلهم ممن قلت فيهم الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم
يحسنون صنعا .
ولو وفق ملوك الإسلام لصرفوا أعنة الخيل إلى مصر لغزو الباطنية الملاعين
فإنهم من شر أعداء دين الإسلام وقد خرجت من حدّ المنافقين إلى حد
المجاهرين لما ظهر في ممالك الإسلام من كفرها وفسادها وتعين على الكافه
فرض جهادها وضرر هؤلاء أشدّ على الإسلام وأهله من ضرر الكفار إذا لم يقم
بجهادها أحد إلى هذه الغاية مع العلم بعظيم ضررها وفسادها في الأرض
".أ.هـ بتصرف يسير.
وانظر رحمك الله إلى ما قرره هذا العالم المؤرخ وهو قريب عهد منهم حيث
عاش ما بين سنة (599-665)للهجرة النبوية ، وكيف تألم لما حل بالمسلمين من
كرب وضيق من جرّاء حكم هؤلاء الباطنيين وعلى هذا فالمولد النبوي أصله
ومنشئه من الباطنيين ذي الأصول المجوسية اليهودية المحيين شعائر الصليبية
، ونحن هنا نقول لكل منصف هل يصح أن نجعل أمثال هؤلاء مصدر عباداتنا
وشعائرنا ونحن نقول مرة أخرى إن القرون المفضلة التي عاش فيها سلفنا
الصالح لم يكن فيها أثر لمثل هذه العبادة منهم أو من أعدائهم أو حتى من
جهلتهم وعامتهم أفلا يسعنا ماوسعهم .
· بيان حكم المولد النبوي وبيان فساد قول من قال بمشروعيته من أوجه
عديدة:
إعلم رحمني الله وإياك أن ما يسمى بالمولد النبوي ليس مشروعا ولم يدل
عليه دليل من كتاب ولاسنة لاإجماع ولاقياس صحيح ولا حتى دليل عقلي ولا
فطري وما كان بهذه الصيغة فهو بدعة مذمومة.
قال الحافظ ابن رجب ( ) :" والمراد بالبدعة ما أحدث مما لاأصل له في
الشريعة يدل عليه ".
ويقول أيضاً ( ) : " فكل من أحدث شيئا ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من
الدين يرجع إليه فهو ضلالة والدين بريء منه ، وسواء في ذلك مسائل
الاعتقاد أو الأعمال أو الأقوال الظاهرة والباطنة".
والبدعة كذلك " مالم يشرعه الله من الدين فكل من دان الله بشيء لم يشرعه
الله فذاك بدعة وإن كان متاولاً".( )
ويظهر فساد القول بجوازه ومشرعية من خلال الأوجه التاليه:
- الوجه الأول :
أن هذا الفعل لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولاأمر به ولافعله
صحابته ولاأحد من التابعين ولا تابعيهم ولا فعله أحد من أهل الإسلام خلال
القرون المفضلة الأولى وإنما ظهر- كما تقدم- على ايدي أناس هم أقرب إلى
الكفر منهم إلى الإيمان وهم الباطنيون.
إذا تقرر هذا فالذي يفعل هذا الأمر داخل ضمن الوعيد الذي توعد الله عزو
جل صاحبه وفاعله بقوله ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي ويتبع
غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) والذي يفعل ما
يسمى بالمولد لاشك انه متبع لغير سبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين
وتابعيهم .
- الوجه الثاني:
أن الذي يمارس هذا الفعل واقع فيما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم حين
قال " إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" وجاء في
رواية أخرى ( وكل ضلالة في النار ).
فقوله (كل بدعة ضلالة ) عموم لا مخصص له يدخل فيه كل أمر مخترع محدث لا
أصل له في دين الله والعلماء مجمعون على انه أمر محدث فصار الأمر إلى ما
قلنا أنه بدعة ضلالة تودي بصاحبها إلى النار أعاذنا الله وإياك منها.
الوجه الثالث :
أن فاعل هذه البدعة غير مأجور على فعله بل مردود على صاحبه لقول النبي
صلى الله عليه وسلم ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) ولايكفي حسن
النية بل لابد من متابعة النبي صلى الله عليه وسلم.
- الوجه الرابع:
قال الله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم أتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم
الإسلام دينا ).
والذي يقول إن المولد عبادة نتعبد لله تعالى بها فهو مكذب بهذه الآية وهو
كفر بالله عزوجل فان قال انه مصدق بها لزمه ان يقول ان المولد ليس بعبادة
ويكون اقرب الى العبث واللعب منه الى ما يقرب الى الله عزوجل.
وقلنا له أيضاً كأنك مستدرك على الله وعلى رسوله بأنهم لم يدلونا على هذه
العبادة العظيمة التي تقرب إلى الله والرسول .
فان قال أنا لا أقول أنها عبادة ولا استدرك على الله ورسوله ومومن بهذه
الآية لزمه الرجوع إلى القول الحق وأنها بدعة محدثة هدانا الله وكل مسلم
لما يحبه ربنا ويرضى.
- الوجه الخامس :
أن الممارس لهذا الأمر- اعني بدعة المولد- كأنه يتهم للرسول صلى الله
عليه وسلم بالخيانة وعدم الأمانة -و العياذ بالله- لأنه كتم على الأمة
ولم يدلها على هذه العبادة العظيمة التي تقربها إلى الله
قال الإمام مالك - رحمه الله ( )-: " من ابتدع في الإسلام بدعة يراها
حسنة فقد زعم ان محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة لأن الله يقول (
اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) فما
لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا".
- الوجه السادس ( ) :
أن فاعل المولد معاند للشرع ومشاق له لأن الشارع قد عين لمطالب العبد
طرقا خاصة على وجوه وكيفيات خاصة وقصر الخلق عليها بالأوامر والنواهي
وأخبر أن الخير فيها والشر في مجاوزتها وتركها لأن الله اعلم بما يصلح
عباده وما أرسل الرسل ولا أنزل الكتب إلا ليعبدوه وفق ما يريد سبحانه
والذي يبتدع هذه البدعة راد لهذا كله زاعم أن هناك طرقا أخرى للعبادة وان
ما حصره الشارع أو قصره على أمور معينة ليس بلازم له فكأنه يقول بلسان
حاله إن الشارع يعلم وهو أيضا يعلم بل ربما يفهم أن يعلم أمرا لم يعلمه
الشارع سبحانك هذا بهتان عظيم وجرم خطير وإثم مبين وضلال كبير.
- الوجه السابع :
أن في إقامة هذه البدعة تحريف لأصل من أصول الشريعة وهي محبة النبي صلى
الله عليه وسلم واتباعه ظاهرا وباطنا واختزالها في هذا المفهوم البدعي
الضيق الذي لايتفق مع مقاصد الشرع المطهر إلى دروشة ورقص وطرب وهز للرؤوس
لان الذي يمارسون هذه البدعة يقولون ان هذا من الدلائل الظاهرة على محبته
ومن لم يفعلها فهو مبغض للنبي صلى الله عليه وسلم
وهذا لاشك تحريف لمعنى محبة الله ومحبة رسول لان محبة الله والرسول تكون
باتباع سنته ظاهرا وباطنا كما قال جل وعلا( قل ان كنتم تحبون الله
فاتبعوني يحببكم الله )
فالذي يجعل المحبة باقامة هذه الموالد محرف لشريعة الله التي تقول ان
المحبة الصحيحة تكون باتباعه صلى الله عليه وسلم ، بل محو لحقيقة المحبة
التي تقرب من الله وجعلها في مثل هذه الطقوس التي تشابه ما عند النصارى
في أعيادهم وبهذا يعلم أنه ( ما أحييت بدعة إلا وأميتت سنة ).
- الوجه الثامن :
أن هذا المولد فيه مشابهة واضحة لدين النصارى الذين يحتفلون بعيد ميلاد
المسيح وقد نهينا عن التشبه بهم كما قال صلى الله عليه وسلم ( ومن تشبه
بقوم فهو منهم ).( )
- الوجه التاسع:
أن فيه قدحا في من سبقنا من الصحابة ومن أتى بعدهم بأننا أكثر محبة للنبي
صلى الله عليه وسلم منهم ، وأنهم لم يوفوه حقه من المحبة والاحترام لان
فاعلي المولد يقولون عن الذين لا يشاركونهم انهم لا يحبون النبي صلى الله
عليه وسلم وهذه التهمة منصرفة إلى أصحابه الأطهار الذين فدوه بأرواحهم
وبآبآءهم وأمهاتهم رضي الله عنهم وأرضاهم .
- الوجه العاشر :
ان فاعل هذا المولد واقع فيما نهى النبي صلى الله عليه وسلم أمته صراحة
فقد قال صلى الله عليه وسلم ( لاتطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم )
فقد نهى عن تجاوز الحد في إطرائه ومدحه وذكر أن هذا مما وقع فيه النصارى
وكان سبب انحرافهم .
وما يفعل الآن من الموالد من أبرز مظاهر الإطراء وإذا لم يكن في
الموالد-( التي تنفق فيها الاموال الطائلة وتنشد فيها المدائح النبوية
التي تشتمل على أعظم أنواع الغلو فيه صلى الله عليه وسلم من إعطائه خصائص
الربوبية كما سوف يمر معنا)- إطراء ففي ماذا يكون الإطراء؟
الوجه الحادي عشر :
وبدعة المولد النبوي مجاوزة في الحد المشروع، ومجاوزة في حد ما امرنا به
من محبة النبي صلى الله عليه وسلم، ومجاوزة للحد المشروع في إقامة
الأعياد فليس في شرعنا للمسلمين إلا عيدان فقط ومن أتى بثالث فهو متجاوز
للحد المشروع
. . .
لمتابعة القراءة
|
|
|
|
|