سرقات
حسن المالكي
1
ا
2
ا 3
ا
وقد
تورط القاسمي – رحمه الله – بمتابعة هؤلاء المبتدعة وطعن في القسري في
كتابه (تاريخ الجهمية والمعتزلة) (ص 38-42) . واتهم القسري بأنه لم يقتل
الجعد إلا لأجل السياسة ! (ص 16-18) وأنعم بها من سياسة!
وكذا
قال النشار في كتابه " نشأة الفكر الفلسفي" (1/331) . فجاء المالكي بعدهم
يردد افتراءاتهم .
ولتتبين
لك حقيقة القسري هذا الذي افترى عليه الرافضة ارجع إلى ترجمته في البداية
والنهاية لابن كثير – رحمه الله – قال في خاتمتها بعد أن نقل شيئاً من
أكاذيبهم عليه: " الذي يظهر أن هذا لا يصح عنه ، فإنه كان قائماً في
إطفاء الضلال والبدع كما قدمنا من قتله للجعد بن درهم وغيره من أهل
الإلحاد ، وقد نسب إليه صاحب العقد أشياء لا تصح ؛ لأن صاحب العقد كان
فيه تشيع شنيع ومغالاة في أهل البيت" (10/22).
وقال
العلامة عبد الرحمن المعلمي – رحمه الله – في كتابه (التنكيل) رداً على
الكوثري الذي طعن في القسري لأجل أبي حنيفة:" أقول: كان خالد أميراً
مسلماً خلط عملاً صالحاً كإقامة الحدود ، وآخر سيئاً الله أعلم ما يصح
عنه منه . وقد جاء عن جماعة من الأئمة كما في (التأنيب) نفسه أن أبا
حنيفة استتيب في الكفر مرتين ، فإن كان خالد هو الذي استتابه في إحداهما
، وقد شهد أولئك أنها استتابة عن الكفر فأي معنى للطعن في خالد ؟ هبه كان
كافراً ! أيجوز أن يحنق عليه مسلم لأنه رفع إليه إنسان يقول قولاً شهد
علماء المسلمين أنه كفر فاستتابه منه؟ وكان خالد يماني النسب وكان له
منافسون على الإمارة من المُضريين وأعداء كثير يحرصون على إساءة سمعته ،
وكان القصاصون ولا سيما بعد أن نكب خالد يتقربون إلى أعدائه بوضع
الحكايات الشنيعة في ثلبه ، ولا ندري ما يصح من ذلك" (1/255).
ثم فند
– رحمه الله – ما قيل عنه من أن أمه نصرانية ! أو أنه ضحى بالجعد بدلاً
من الأضاحي الشرعية !! فليراجع.
السرقة
التاسعة:
اتهام
شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه ناصبي:
يقول
المالكي في مذكرته عن الصحابة (ص 74): " ابن تيمية مع فضله وعلمه إلا أنه
يجب أن نعرف أنه شامي ، وأهل الشام فيهم انحراف في الجملة على علي بن أبي
طالب وميل لمعاوية" (وانظر: نحو إنقاذ ! التاريخ الإسلامي ، ص 35). قلت:
هذه الفرية والاتهام العظيم لشيخ الإسلام استفاده المالكي من أعداء الشيخ
قديماً وحديثاً – وما أكثرهم – وقد ذكرت أقوالهم ، ورددت على هذه الفرية
من كلام شيخ الإسلام - نفسه – في كتابي (شيخ الإسلام ابن تيمية لم يكن
ناصبياً) ، ولكن كما قيل:
بكل
تداوينا فلم يشف ما بنا
لأن الذي نهواه ليس بذي ودّ!
من أبرز
المتهمين لشيخ الإسلام بهذه التهمة التي (سرقها) منهم المالكي وأضحى
يرددها:
ابن حجر
الهيتمي(1) في (فتاواه الحديثية ، ص 114) ، وزاهد الكوثري في (الحاوي في
سيرة الطحاوي ، ص 26) وفي (مقالاته ص 470) ، وعبد الله الغماري في (الرسائل
الغمارية ، ص 114) و(جزء في الرد على الألباني، ص 60) ، وعبد الله الحبشي
في (المقالات السنية ، ص 307) وحسن السقاف في (التنبيه والرد ، ص 7) ،
وغيرهم من أهل البدع – لا كثرهم الله - .
فجاء
المالكي بعدهم فأصبح يردد ما رددوه عن شيخ الإسلام ؛ لأن هذه الفرية قد
وافقت عقيدته الفاسدة التي نقضها شيخ الإسلام. فالله حسيبه.
السرقة
العاشرة:
اتهام
ابن حزم بأنه ناصبي !
قال
المالكي: " ابن حزم رغم كثرة علمه وفضله إلا أن له انفرادات لا يعَّول
عليها … أضف إلى ذلك أنه متهم بالنصب ، وهو الانحراف عن أمير المؤمنين
علي رضي الله عنه وموالاة بني أمية" (نحو إنقاذ ! التاريخ الإسلامي ، ص
136) (وانظر المصدر السابق ، ص 288 – 289 ، وبيعة علي ، ص 273-274).
قلت :هذه
الفرية سرقها المالكي من أسلافه الشيعة ، الذين يلصقونها بكل عالم (سني)
يخالف أهواءهم ولا يغلو في علي – رضي الله عنه – غلوهم البغيض.
لكن
المالكي احتاط لنفسه وأوهم أنه استقى هذه الفرية من "سير أعلام النبلاء"
للذهبي !!
قال
المالكي في كتابه (بيعة علي) (ص 273-274) عن ابن حزم: " متهم بالنصب وهو
الانحراف عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، وموالاة بني أمية ،
والدفاع عن ماضيهم وحاضرهم" ثم قال في الهامش: " طالع ترجمته في سير
أعلام النبلاء" !
قلت:
وأنا لست بصدد دفع هذه الفرية عن ابن حزم – رحمه الله – فلذلك مقام
آخر(1) إنما أبين هنا بأن المالكي لم يستفد هذه الفرية من الذهبي ولا
غيره من أهل السنة – كما يزعم - ، لأن كلامهم في ابن حزم لا يفيد هذا ،
كيف وهم يعلمون – يقيناً - من كتب ابن حزم المشهورة ثناءه على علي رضي
الله عنه ، وذمه للخوارج الذين يبغضونه ، والذهبي - رحمه الله - إنما نقل
كلمة لأبي حيان يخبر فيها بأن ابن حزم يتشيع لأمراء بني أمية في الأندلس
!! فكان ماذا ؟ وأي دليل فيها يا مالكي على نَصْب ابن حزم – رحمه الله
–؟! أم أنها أحقاد دفينة على ابن حزم الذي أجاد في فضح شيوخك الرافضة ؟
بقي أن
تعلم بأن المالكي قد سرق هذه الفرية من الرافضة الذين (يصرحون) بها في
كتبهم ، ومن أبرزهم علي الوردي في كتابه (وعاظ السلاطين) حيث قال: "
واتخذ البحث الديني في الأندلس وجهة أخرى – هي تمجيد الأسرة الأموية وذكر
فضائل السلف الأول منها. وهذه نتيجة طبيعية للظروف السياسية التي كانت
سائدة هناك ، حيث كان الخلفاء ينتسبون للبيت الأموي ويتعصبون له.
إن ذم
الأمويين صار سنة عند الفقهاء الأولين في المشرق – كما رأينا - . أما لدى
فقهاء الأندلس فقد انقلبت القيم ، إذ ارتفع ذكر الأمويين عندهم وهبطت
قيمة العلويين. ولو درسنا مؤلفات ابن حزم وأبي بكر بن العربي ، اللذين
يعدان أعظم فقهاء الأندلس في ذلك العهد ، لوجدناهما يميلان ميلاً ظاهراً
نحو الأمويين وينفران من علي وأولاده" (ص 243-244).
وبهذه
السرقة العاشرة ينتهي ما أردت جمعه من سرقات هذا الرجل ؛ نصحًا لشباب
الأمة أن ينخدعوا به ، ويغتروا بكثرة ادعاءاته للتحقيق والتجديد ، وهو
لمن دقق في أبحاثه عريٌ عن هذا كله ، إنما
( يجتر ) أفكار أهل الضلال بعد أن يعزوها لنفسه ؛ ظانًا أن الباحثين في
غفلة عن مصادره ، مهما حاول تعميتها .
ولعل من
تحصلت لديه كتب الزيود والرافضة يجد أضعاف ما وجدت من السرقات .
وإني
لآسى على قلة من شبابنا ممن انخدعوا ببريق ( العصرانية ) الخادع كيف
انساقوا خلف هذا ( المشبوه ) الذي يذكرني بحال أمثاله من ( المشبوهين )
الذين مروا بتاريخنا ؛ كالبدوي والأفغاني ونحوهم ، وتنكبوا لأجله طريق
الكتاب والسنة بعد أن مشوا في نورهما زمنًا ليس بالقليل ، وعادوا لأجله
إخوانهم من دعاة الكتاب والسنة ؟
أسأل
الله تعالىلي ولهم الهداية والتوفيق ، وأن يردهم إلى الحق ردًا جميلاً ،
وأن يكفينا شر كل ذي شر ، ويسلط عليه ولاة أمورنا ليجتثوا باطله ؛ فإن
الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن .
والله
أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ( أجمعين ) .
كتبه /
سليمان الخراشي
1422
--------------------------------
(1) العجيب أن الهيتمي
هذا كان من أشد أعداء الرافضة ! وألف في فضل معاوية – رضي الله عنه –
رسالته (تطهير الجنان واللسان). ومع هذا فلم يستفد منه المالكي سوى طعنه
في شيخ الإسلام !! فالمالكي كالذباب لا يقع إلا على القيح والصديد !
والعياذ بالله.
(1) وذلك في رسالتي (ابن
حزم لم يكن ناصبياً ) ، وقد قدم لها أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري
بمقدمة مسهبة ، ولم تطبع بعد ، وقد ذكرت فيها كثيراً من أقواله - رحمه
الله – تنقض هذه الفرية ، ومن أصرحها قوله في كتابه (الفِصَل في الملل
والأهواء والنِحَل 4/214): " فإنا غير مُتَّهَمين على حط أحدٍ من الصحابة
– رضي الله عنهم – عن مرتبته ، ولا على رفعه فوق مرتبته ، لأننا لو
انحرفنا عن علي – رضي الله عنه – ونعوذ بالله من ذلك ، لذهبنا فيه مذهب
الخوارج ، وقد نزهنا الله عز وجل عن هذا الضلال في التعصب ، ولو غلونا
فيه لذهبنا فيه مذهب الشيعة ، وقد أعاذنا الله تعالى من هذا الإفك في
التعصب ، فصار غيرنا من المنحرفين عنه ، أو الغالين فيه هم المتهمون فيه
، إما له وإما عليه".
انتهى
القسم الثالث
<<
السابق |