التعليقات
المختصرة على متن العقيدة الطحاوية
للدكتور
صالح بن فوزان الفوزان
ا 1
ا 2 ا
3
ا 4 ا
5 ا
قال العلامة حجة الإسلام أبو جعفر الوراق الطحاوي -بمصر- رحمه الله:
(1)هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة: أبي
حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، وأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري،
وأبي عبدالله محمد بن الحسن الشيباني رضوان الله عليهم أجمعين، وما
يعتقدون من أصول الدين ويدينون به رب العالمين .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين .
أما بعد: فإن العقيدة هي أساس الدين، وهي مضمون شهادة أن لا إله إلا الله
وأن محمداً رسول الله، والركن الأول من أركان الإسلام(1)،
فيجب الاهتمام بها والعناية بها ومعرفتها، ومعرفة ما يخل بها، حتى يكون
الإنسان على بصيرة، وعلى عقيدة صحيحة؛ لأنه إذا قام الدين على أساس صحيح
صار ديناً قيماً مقبولاً عند الله، وإذا قام على عقيدة مهزوزة ومضطربة،
أو عقيدة فاسدة، صار الدين غير صحيح، وعلى غير أساس، ومن ثم كان العلماء
-رحمهم الله- يهتمون بأمر العقيدة ولا يفترون في بيانها في الدروس وفي
المناسبات، ويرويها المتأخر عن المتقدم.
كان الصحابة -رضي الله عنهم- ليس عندهم أي شك فيما جاء به القرآن وما
جاءت به سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فكانت عقيدتهم مبنية على
كتاب الله وسنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولا يعتريهم في ذلك شك
ولا توقف، فما قاله الله وقاله رسوله صلى الله عليه وسلم اعتقدوه ودانوا
به، ولم يحتاجوا إلى كتابة تأليف؛ لأن هذا مسلّم به عندهم ومقطوع به
وكانت عقيدتهم الكتاب والسنة، ثم درج على ذلك تلاميذهم من التابعين الذين
أخذوا عنهم، فلم يكن هناك أخذ وردّ في العقيدة، كانت قضية مسلمة، وكان
مرجعهم الكتاب والسنة.
فلما ظهرت الفرق والاختلافات، ودخل في الدين من لم ترسخ العقيدة في قلبه،
أو دخل في الإسلام وهو يحمل بعض الأفكار المنحرفة، ونشأ في الإسلام من لم
يرجع إلى الكتاب ولا إلى السنة في العقيدة، وإنما يرجع إلى قواعد ومناهج
أصلها أهل الضلال من عند أنفسهم، عند هذا احتاج أئمة الإسلام إلى بيان
العقيدة الصحيحة وتحريرها وكتابتها وروايتها عن علماء الأمة، فدونوا كتب
العقائد، واعتنوا بها، وصارت مرجعاً لمن يأتي بعدهم من الأمة إلى أن تقوم
الساعة.
وهذا من حفظ الله تعالى لهذا الدين،
وعنايته بهذا الدين، أن قيض له حملة أمناء يبلغونه كما جاء عن الله وعن
رسوله، ويردون تأويل المبطلين وتشبيه المشبهين، وصاروا يتوارثون هذه
العقيدة خلفاً عن السلف.
ومن جملة السلف الصالح الذين كانوا على
الاعتقاد الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين، من
جملتهم الأئمة الأربعة الإمام أبو حنيفة، والإمام مالك، والإمام الشافعي،
والإمام أحمد، وغيرهم من الأئمة الذين قاموا بالدفاع عن العقيدة وتحريرها،
وبيانها وتعليمها للطلاب.
وكان أتباع الأئمة الأربعة يعتنون بهذه
العقيدة، ويتدارسونها ويحفظونها لتلاميذهم، وكتبوا فيها الكتب الكثيرة
على منهج الكتاب والسنة، وما كان عليه المصطفى، صلى الله عليه وسلم،
وأصحابه رضي الله عنهم والتابعون، وردوا العقائد الباطلة والمنحرفة،
وبينوا زيفها وباطلها، وكذلك أئمة الحديث: كإسحاق بن راهويه، والبخاري،
ومسلم والإمام ابن خزيمة، والإمام ابن قتيبة، ومن أئمة التفسير: كالإمام
الطبري، والإمام ابن كثير، والإمام البغوي، وغيرهم من أئمة التفسير.
وألفوا في هذا مؤلفات يسمونها بكتب السنة،
مثل كتاب السنة لابن أبي عاصم، وكتاب السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل،
والسنة للخلال، والشريعة للآجري، وغير ذلك.
ومن جملة هؤلاء الأئمة الذين كتبوا في
عقيدة السلف: الإمام أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي(2)،
من علماء القرن الثالث بمصر، وسمي بالطحاوي نسبة لبلدة في مصر، فكتب هذه
العقيدة المختصرة النافعة المفيدة.
وكتبت عليها شروح، حوالي سبعة شروح، ولكن لا تخلو من أخطاء؛ لأن الذين
ألفوها كانوا على منهج المتأخرين، فلم تخل شروحهم من ملاحظات ومخالفة لما
في عقيدة الطحاوي، إلا شرحاً واحداً فيما نعلم، وهو شرح العز بن أبي العز
رحمه الله(3)، المشتهر بشرح الطحاوية، وهذا من
تلاميذ ابن كثير فيما يظهر، وقد ضمن شرحه هذا منقولات من كتب شيح الإسلام
ابن تيمية، ومن كتب ابن القيم، ومن كتب الأئمة، فهو شرح حافل، وكان
العلماء يعتمدون عليه ويعتنون به؛ لنقاوته وصحة معلوماته، فهو مرجع عظيم
من مراجع العقيدة، والمؤلف –كما ذكر- ألف هذه العقيدة على مذهب أهل السنة
عموماً، ومنهم الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، فهو أقدم الأئمة
الأربعة وأدرك التابعين وروى عنهم .
وكذلك صاحباه أبو يوسف، ومحمد الشيباني،
وأئمة المذهب الحنفي.
ذكر عقيدتهم، وأنها موافقة لمذهب أهل
السنة والجماعة، وفي هذا ردٌ على المنتسبين إلى الحنفية في الوقت الحاضر
أو في العصور المتأخرة، ينتسبون إلى الحنفية ويخالفون أبا حنيفة في
العقيدة، فهم يمشون على مذهبه في الفقه فقط، ويخالفونه في العقيدة،
فيأخذون عقيدة أهل الكلام والمنطق، وكذلك حدث في الشافعية المتأخرين منهم
يخالفون الإمام الشافعي في العقيدة، وإنما ينتسبون إليه في الفقه، كذلك
كثير من المالكية المتأخرين ليسوا على عقيدة الإمام مالك، لكنهم يأخذون
من مذهب مالك في الفقه فقط، أما العقيدة فهم أصحاب طرق وأصحاب مذاهب
متأخرة.
ففي هذه العقدية ردٌ على هؤلاء وأمثالهم
ممن ينتسبون إلى الأئمة، ويتمذهبون بمذاهب الأئمة الأربعة، ويخالفونهم في
العقيدة، كالأشاعرة: ينتسبون إلى الإمام أبي الحسن الأشعري في مذهبه
الأول، ويتركون ما تقرر واستقر عليه أخيراً من مذهب أهل السنة والجماعة،
فهذا انتساب غير صحيح؛ لأنهم لو كانوا على مذهب الأئمة لكانوا على
عقيدتهم .
---------------
( 1) لحديث ابن عمر رضي الله
عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بني الإسلام على خمس:
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة، وإيتاء
الزكاة، والحج، وصوم رمضان" .
أخرجه البخاري رقم (8) ومسلم رقم (16) .
(2) الإمام العلامة
الحافظ الكبير محدث الديار المصرية وفقيهها، برز في علم الحديث والفقه
وجمع وصنف، وكان ثقة ثبتاً فقيهاً عاقلاً لم يخلف مثله، ومن نظر في
تواليف هذا الإمام علم محله من العلم وسعة معارفه، توفي سنة 321هـ رحمه
الله تعالى. انظر: سير أعلام النبلاء (15/27-33).
(3) هو الإمام العلامة صدر الدين أبو الحسن علي بن علاء الدين علي بن
محمد بن أبي العز الحنفي الأذرعي الصالحي نشأ رحمه الله في أسرة ذات
نباهة وذكر وتتلمذ على الحافظ ابن كثير ونصر أقوال ابن تيمية وابن القيم
رحمهم الله جمعياً.
ا
1 ا
2 ا
3
ا 4 ا
5 ا |