الدور(الأطماع) الخارجي:
المطامع الإسرائيلية في مياه النيل:
إن محاولة الحركة الصهيونية وإسرائيل للاستفادة من مياه النيل قديمة قدم التفكير
الاستيطاني في الوطن العربي، وظهرت الفكرة بشكل واضح في مطلع القرن الحالي عندما
تقدم الصحفي اليهودي تيودور هرتزل ـ مؤسس الحركة ـ عام 1903م إلى الحكومة
البريطانية بفكرة توطين اليهود في سيناء واستغلال ما فيها من مياه جوفية وكذلك
الاستفادة من بعض مياه النيل، وقد وافق البريطانيون مبدئياً على هذه الفكرة على أن
يتم تنفيذها في سرية تامة..لقد رفضت الحكومتان المصرية والبريطانية مشروع هرتزل
الخاص بتوطين اليهود في سيناء ومدهم بمياه النيل لأسباب سياسية تتعلق بالظروف
الدولية والاقتصادية في ذلك الوقت. وفي الوقت الراهن يمكن القول إن هناك أربعة
مشاريع أساسية يتطلع إليها اليهود بهدف استغلال مياه النيل:
1ـ مشروع استغلال الآبار الجوفية: قامت إسرائيل بحصر آبار جوفية بالقرب من
الحدود المصرية، وترى أن بإمكانها استغلال انحدار الطبقة التي يوجد فيها المخزون
المائي صوب اتجاه صحراء النقب. وقد كشفت ندوة المهندسين المصريين أن إسرائيل تقوم
بسرقة المياه الجوفية من سيناء وعلى عمق 800 متر من سطح الأرض، وكشف تقرير أعدته
لجنة الشؤون العربية بمجلس الشعب المصري في يوليو 1991م أن إسرائيل تعمدت خلال
السنوات الماضية سرقة المياه الجوفية في سيناء عن طريق حفر آبار إرتوازية قادرة؛ـ
وذلك باستخدام آليات حديثة ـ على سحب المياه المصرية.
2 ـ مشروع اليشع كالي: في عام 1974م طرح اليشع كالي ـ وهو مهندس إسرائيلي ـ
تخطيطاً لمشروع يقضي بنقــل ميـــاه النيـــل إلى إسرائيل، ونشر المشروع تحت عنوان:
(مياه الســلام) والذي يتلخص في توسيــع ترعة الإسماعيلية لزيـــادة تدفـق المياه
فيها، وتنقل هـذه المياه عن طريــق سحــارة أسفل قناة السويس، وقد كتبت صحيفة
معاريف في سبتمبر 1978 تقريراً بأن هذا المشروع ليس طائشاً؛ لأن الظروف الآن أصبحت
مهياة بعد اتفاقيات السلام لتنفيذ المشروع
3 ـ مشروع (يؤر): قدم الخبير الإسرائيلي شــاؤول أولوزوروف النائــب السابق
لمديــر هيئة المياه الإسرائيلية مشروعـــاً للسادات خـلال مباحثــات كامب ديفيد
يهدف إلى نقــل مياه النيل إلى إسرائيل عبر شق ست قنوات تحت مياه قناة السويس
وبإمكان هـذا المشروع نقل 1 مليار م3، لري صحراء النقب منها 150 مليون م3، لقطــاع
غزة. ويــرى الخبراء اليهـود أن وصول المياه إلى غزة يبقي أهلهـا رهينة المشروع لدى
إسرائيل فتتهيب مصر من قطع المياه عنهم
4 ـ مشروع ترعة السلام (1): هو مشروع اقترحه السادات في حيفا عام 1979م، وقالت مجلة
أكتوبر المصرية: "إن الرئيس السادات التفت إلى المختصين وطلب منهم عمل دراسة عملية
كاملة لتوصيل مياه نهر النيل إلى مدينة القدس لتكون في متناول المترددين على المسجد
الأقصى وكنيسة القيامة وحائط المبكى". وإزاء ردود الفعل على هذه التصريحات سواء من
أثيوبيا أو المعارضة المصرية ألقى مصطفى خليل رئيس الوزراء المصري بياناً أنكر فيه
هذا الموضـــوع قائلاً: "عندما يكلم السادات الرأي العام يقول: أنا مستعد أعمل كذا
فهو يعني إظهـــار النية الحسنــــة ولا يعني أن هناك مشروعــاً قد وضــع وأخـذ
طريقه للتنفيذ !!.
تطمع إسرائيل في أن يكون لها بصورة غير مباشرة اليد الطولى في التأثيــر على حصة
مياه النيل الواردة لمصر وبدرجة أقل السودان؛ وذلك كورقة ضغط على مصر للتسليم في
النهاية بما تطلبه إسرائيل. يقول محمد سيد أحمد: "إن للخبراء الإسرائيليين لغة في
مخاطبة السلطات الإثيوبية تتلخـص في ادعـــاء خبيث هو أن حصص المياه التي تقررت
لبلدان حوض النيل ليست عادلة؛ وذلك أنها تقررت في وقـت سابــق على استقلالهــم، وأن
إسرائيــل كفيلة أن تقدم لهذه الدول التقنية التي تملكها من ترويض مجرى النيل
وتوجيهه وفقاً لمصالحها". من أجل ذلك تتوارد الأنباء والأخبار عن مساعدات إسرائيلية
لإثيوبيا لإقامة السدود وغيرها من المنشآت التي تمكنها من السيطرة والتحكم في مياه
النهر.
ويعد نهر النيل مطمعا للعديد من القوي الدولية والاستعمارية التي تريد أن تضع قدما
بالقرب منه للضغوط علي دوله مستقبلا في حالة احتياجها للمياه ، أو في حالة طلبها
المياه مباشرة علي غرار ما تفعله إسرائيل والمشكلة أن دول حوض النيل نفسها تشكو من
مخاطر مستقبلية نتيجة نقص المياه في هذا النهر خصوصاً دول المصب مصر والسودان
اللتان تعتمدان علي مياه النيل تماماً والمخطط الاسرائيلى كشفتها صحيفة "لوفيجارو"
الفرنسية في 8 سبتمبر 2009 توضح تفاصيل لمخطط إسرائيل جديد للسيطرة على مياه نهر
النيل بعد الإغراءات التي تقدمت بها للدول الإفريقية في السنوات الماضية لإثارة
القلاقل مع مصر وإعادة توزيع مياه النهر..... ووفقا للصحيفة ، فإن الجولة التي قام
بها افيجدور ليبرمان إلى بعض الدول الإفريقية في 2 سبتمبر تشكل تهديداً خطيراً
لمستقبل مصر ، موضحة أن هذا التحرك وهو الأول منذ 25 عاما يعتبر تمهيداً لحرب
المياه في الشرق الأوسط التي تبدأ في قلب القارة الإفريقية. وأضافت أن الوزير
الإسرائيلي زار إثيوبيا وكينيا وأوغندا لأنها تشكل دول منبع النيل، مشيرة إلى أنه
ضغط على إثيوبيا لبناء سدود على نهر النيل خاصة وأن 80% من المياه التي تجري في مصر
تأتي من النيل الأزرق الذي ينبع من إثيوبيا. واستطردت " مصر تمول حفر الآبار في
كينيا لتنظيف البحيرات الأوغندية ولكن إسرائيل تساهم في الوقت ذاته في بناء السدود
في إثيوبيا وثلاثة مشاريع جديدة في أوغندا ، هذه الإغراءات التي تمارسها إسرائيل
تتجاوز حدود المنافسة الدبلوماسية مع مصر لأن الموضوع بالنسبة لإسرائيل هو الوصول
إلى مياه النيل". وانتهت الصحيفة إلى القول إن إسرائيل ومنذ تأسيسها تحاول أن تحصل
على مياه النيل وقد سبق أن طرحت في عام 1974 فكرة إعادة القدس المحتلة إلى
الفلسطينيين ، مقابل نقل 840 مليون متر مكعب من مياه النيل سنويا إلى إسرائيل وهذه
الكمية كافية لتغطي احتياجاتها من المياه.