الأمن
القومي
لا
يقل أمن المياه أهمية عن الأمن القومي حيث أن التفسير المصري لمفهوم الأمن القومي
لم يعد قائمًا على الجانب الإستراتيجي وحده,
بل امتد ليواكب ويتلاءم مع الأمن المائي ولقد كانت المياه محلاً للصراعات منذ أمد
بعيد فلقد كانت بداية تمثل صراع على مياه البحار نظرًا لأهميتها في مجال التجارة
وتوزيع مناطق النفوذ إلا أنه ظهر مؤخرًا على المسرح العالمي أن المياه العذبة هي
محل الصراع القائم,
بعد أن تم حسم الصراع على المياه المالحة
(بحار
ومحيطات بموجب اتفاقيات عقدتها الدول وبعضها البعض).
و
يعتبرعقد التسعينيات هو عقد الصراع على موارد المياه,
وفي منطقة الشرق الاوسط حيث المصادر المحدودة للمياه والتي تتركز في أحواض الأنهار
الرئيسية مثل نهر النيل.
ومع التطور التكنولوجي الهائل الذي شهده العالم وبخاصة عقد التسعينيات تزايدت
معدلات التنمية,
ومن ثم تزايدت الحاجة على الموارد وبخاصة الطبيعية منها,
وتأتي في مقدمتها المياه,
واتلي أصبحت سلعة إستراتيجية نظرًا لعدم وجود بدائل لها في الوقت الذي يوجد للطاقة
بدائل أخرى,
ومن ثم فقضية الحفاظ على الموارد المائية وتعظيم الاستفادة منها تتصدر قضايا الأمن
القومي وتزداد حدة في تلك الدول التي تقع منابع مصادرها خارجها,
وبالتالي عدم القدرة على السيطرة عليها ومن بينها مصر,
فمصر تعتمد على المياه بدرجة يبلغها اعتماد شعوب من قبل على مصادر المياه مثل
اعتمادها على نهر النيل وبدونه تصبح مصر صحراء جرداء,
وتشارك مصر في نهر النيل تسع دور وهي
"
السودان
–
أثيوبيا
–
أوغندا
–
كينيا
–
تنزانيا
–
روندا
–
بوروندي
–
الكنغو
".
وتتفاوت
هذه الدول من حيث اعتمادها على مياه نهر النيل حيث تعد مصر الأكثر اعتمادًا على
مياهه وبالتالي كان طبيعيًا أن يمتد مفهوم الأمن المائي إلى المنابع الرئيسية في
حوض النيل ليعتبر أي عمل يجري في هذا الحوض يهدف للتأثير على حصة مصر المائية
المقررة سنويًا وهي
55.5
مليار م3.
عملاً يمس الأمن القومي المصري بشكل مباشر ومع التسليم بوجود اتفاقيات قانونية تنظم
حصول مصر على حصتها المقررة سنويًا.
وفي ظل المتغيرات الإقليمية والدولية التي تمت من خلال التطورات المتلاحقة التي
شهدها العالم منذ نهاية الثمانينيات والتسعينيات فأن مصر تواجه تحديًا حقيقيًا وهو
دخول فاعلين جدد إلى منطقة حوض النيل
(
إسرائيل
–
الولايات المتحدة
)
و
(البنك
الدولي
)
وما أطلقه من مفاهيم جديدة منها
(
تسعير المياه وخصخصة المياه وبورصات المياه
)
بما قد يعنيه من نشوء صراع بين تلك الدول خلال السنوات المقبلة إذا يمكن أن تخرج
القضية عن النطاق الإقليمي ويصبح للأطراف الخارجية دور تجاهها ومن ثم ظهور أعباء
إضافية على عاتق صانع القرار المصري وتهديد للأمن القومي المصري.
وتلعب القوى الخارجية دورًا فاعلاً ومؤثرًا في أنشطة وتفاعلات النظم الإقليمية وذلك
من خلال تأثيرها في أنماط تفاعلات النظم الإقليمية ويتجلى الدور الذي تمارسه القوى
الخارجية في نمط تفاعلات النظم الإقليمية في أحد أمرين,
فقد تلعب دورًا منشأ لتلك التفاعلات
(صراعات
–
تعاون)
وقد تلعب دروًا محفزًا لتلك التفاعلات,
وقد تلعب الدورين معًا.
ومن
ثم سوف تنطلق الدراسة في تحليل محددات الصراع في حوض النيل ومعرفة ما إذا كانت
داخلية بالأساس أما أنها تنتج من محددات خارجية واستنتاج دور القوى الخارجية
المؤثرة في الصراع المائي بين مصر ودول حوض النيل وما تتركه هذه القوى من تداعيات
على العلاقات بين مصر ودول حوض النيل.
أولاً:
المشكلة البحثية
حظيت
مشكلة الصراع الدولي وعلاقة ذلك بالصراع على المياه باهتمام كبير في الأونة الأخيرة
في الأوساط الأكاديمية والبحثية ولدى دوائر صانعي القرار على مستوى الدولة وفرضت
مشكلة المياه نفسها كواحدة من الموضوعات الرئيسية التي تحمل أملاً في التعاون
المستقبلي أو تنذر بصراعات دولية وتشوب حروب بشأنها وأيضًا التخوف من دور القوى
الخارجية وحقيقة الدور الذي تلعبه في العلاقات داخل النظام الإقليمي لحوض النيل
والذي بات يمثل هاجس في علاقات الدول داخل النظام الإقليمي وبالتالي كان لابد من
معرفة الدور الذي تلعبه القوى الخارجية في إطار العلاقات بين الدول ما بين صراعات
وعلاقات تعاونية لذلك كان التساؤل الرئيسي هو
"
ما هو أثر التدخلات الخارجية على الصراع المائي بين مصر ودول حوض النيل ؟
".
ثانياً:
الأسئلة الفرعية
1-
ما هي محددات الصراع المائي الدولي داخل حوض النيل ؟
2-
ما هي مجالات الصراع المائي بين دول حوض النيل ؟
3-
ما هو
الدور الإسرائيلي في الصراع بين مصر ودول حوض النيل ؟
4-
ما هو الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية في الصراع بين مصر وحوض النيل ؟
5-
ما هو دور البنك الدولي في الصراع المائي بين مصر ودول حوض النيل ؟
6-
ما هي تداعيات التدخلات الخارجية على العلاقات المائية بين مصر ودول حوض النيل ؟
ثالثاً:
أهمية الدراسة
أ.
الأهمية العلمية
(النظرية)
:
معظم
الدراسات في العالم العربي تشير إلى الصراع من وجهة الصراع العربي الإسرائيلي وتهدف
الدراسة إلى دراسة وتحليل وتفسير الظاهرة الصراعية الدولية في ضوء الصراع المائي
والتدخلات من القوى الخارجية في النظام الإقليمي المائي لدول حوض النيل.
وأيضًا
ذلك لأن قضية المياه باتت تمثل اهتمامًا كبيرًا للباحثين والأكاديميين وصانعي
القرار من منطلق أنها جزء لا يتجزأ من الأمن القومي.
ب:
الأهمية العملية
(الأهمية
التطبيقية)
:
لم
يعد استخدام الأنهار الدولية قاصرًا على الزراعة والملاحة ولكنه تجاوز ذلك إلى
العددي من الاستخدامات المتطورة
(الصناعية
والكهربائية والتجارية
..
إلخ)
والتي أثرت بدورها في كم ونوع مياه الأنهار الدولية مما أدى إلى تزايد فرص نشوب
صراعات والنزاعات المائية في أنحاء متفرقة من العالم,
وفي ظل هذا التصور,
فأن الجهود الرامية لبحث ودراسة مشاكل المياه بصفة عامة ومشاكل الأنهار الدولية
بصفة خاصة تتمتع بقيمة نظرية وعملية حيث يمكن الاستفادة منها في تطوير أفضل السبل
للانتفاع العادل والمشترك لموارد النهر الدولي المائية والطبيعية بما يساعد على
تنظيم شئون الأنهار الدولية,
وتأتي الدراسة تزامنًا مع تزايد الاهتمام بمشكلة المياه وتحظى بالاهتمام العالمي,
ومن ثم فكان لابد من مسايرة هذا الاهتمام ودراسة هذه الظاهرة في إطار الصراعات على
المياه داخل حوض النيل وطبيعة العلاقات وما مدى تأثير هذه الصراعات على الأمن
القومي المصري وبالتالي مساعدة صانع القرار على انتهاج سياسات وقرارات تأخذ ذلك في
الاعتبار.
رابعاً:
أهداف الدراسة
بعد
استعراض الأهمية العلمية والعملية للدراسة,
يمكن التوصل إلى مجموعة من الأهداف تسعى الدراسة إلى الوصول إليها في البحث
:
1-
معرفة العلاقه بين محدودية الموارد المائية والصراع الدولي في حوض النيل.
2-
توضيح مدى خطورة غياب الإطار القانوني الجامع في العلاقات بين مصر ودول حوض النيل.
3-
التحقق من الدور الذي تلعبه القوى الخارجية في العلاقات داخل النظام الإقليمي لحوض
النيل.
4-
التوصل
إلى تداعيات التدخلات الخارجية على العلاقات المائية في حوض النيل.
خامساً:
نطاق البحث
1-
النطاق الزمني
:
تركز
الدراسة على الفترة من
1990
حتى
2009,
وترجع أسباب اختيار بداية عقد التسعينات حيث أنه شهد عدة تطورات على المستوى
العالمي والإقليمي أيضًا وأهم التطورات هي انتهاء الحرب الباردة وتغير خريطة القوى
الدولية,
وعلى المستوى الإقليمي أيضًا فأن كثير من الدول في حوض النيل بدأت تنتهج سياسات تضر
بمصالح مصر في حوض النيل,
وأيضًا بدأت في سياسات تنموية تستلزم الحصول على كميات إضافية من خلال إنشاء السدود
وهذا كان بداية تخوف من جانب مصر وتنتهي الدراسة عند
2010
حيث أنها الفترة الممكنة للدراسة للتحقق من أهداف البحث ومواكبة التطورات الحالية.
2-
النطاق المكاني
:
النطاق
المكاني للدراسة هو دول حوض والنظام الإقليمي لهذه الدول وبالأخص تركز الدراسة على
الدول ذات العلاقات
"
الصراعية أو التعاونية
"
مع مصر وتقوم الدراسة بالاهتمام بمنطقة حوض النيل والتي أدى الجفاف وشح الأمطار
فيها
(منابع
النهر)
إلى الاهتمام العالمي بهذه المنطقة كما أنه سوف يتم التركيز على مصر والتي يمثل
النيل لها شريان الحياة وتمثل قضية المياه لها بعدًا في الأمن القومي.
3-
النطاق الموضوعي
:
على
الرغم من أن هناك عدة حقول تتقاسم مجال الدراسة من قانون وبيئة واقتصاد وجغرافيا,
إلا أن الدراسة تنصرف إلى حقل العلاقات الدولية
في اطار علم السياسه لذلك لا يتم خلال الدراسة الانتباه إلى أية صراعات داخل حدود
الدولة وإن كانت تتعلق بالمياه.وسوف
يتم التحليل السياسي وفقا لنظريات العلاقات الدولي.